Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 27-27)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ } كقولهم : { فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } [ الأنبياء : 5 ] وتقدم الكلام على هذا غير مرّة . وقوله تعالى : { قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ } جملة جرت مجرى التعجب من قولهم ، مشيرة إلى أنه من باب العناد والاقتراح لما لا تقتضيه الحكمة من الآيات المحسوسة التي لا يمهل أحد بعد مجيئها ، لا من باب طلب الهداية . وإلاَّ فلو كان بغيتهم طلب الهداية بآية لكفاهم إنزال هذا الكتاب مِنْ مِثْلِه ، صلوات الله عليه ، آية ، فإنه آية الآيات … ! ولكنهم قوم آثروا الضلال على الهدى ، زاغوا عنه فأزاغ الله قلوبهم . فطوى ما دل عليه هذه الجملة ، إيجازاً للعلم بها . قال أبو السعود : { قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ } إضلاله مشيئة تابعة للحكمة الداعية إليها ، أي : يخلق فيه الضلال لصرفه اختياره إلى تحصيله ، ويدعه منهمكاً فيه . لعلمه بأنه لا ينجع فيه اللطف ولا ينفعه الإرشاد . كمن كان على صفتكم في المكابرة ، والعناد ، والغلوّ في الفساد . فلا سبيل له إلى الاهتداء ، ولو جاءته كل آية . ثم قال : { وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ } أي : أقبل إلى الحق وتأمل في تضاعيف ما نزل من دلائله الواضحة ، وحقيقة الإنابة الدخولُ في نوبة الخير . وإيثار إيرادها في الصلة على إيراد المشيئة ، كما في الصلة الأولى ، للتنبيه على الداعي إلى الهداية بل إلى مشيئتها ، والإشعار بما دعا إلى المشيئة الأولى المكابرة ، وفيه حث للكفرة على الإقلاع عما هم عليه من العتوّ والعناد . وإيثار صيغة الماضي للإيماء إلى استدعاء الهداية لسابقة الإنابة ، كما أن إيثار صيغة المضارع في الصلة الأولى للدلالة على استمرار المشيئة حسب استمرار مكابرتهم . انتهى .