Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 31-31)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ } وهو يوم القيامة { لاَّ بَيْعٌ فِيهِ } أي : ليتدارك به التقصير ، أو يفتدي به { وَلاَ خِلاَلٌ } أي : مخالّة . مصدر بمعنى المصاحبة ؛ أي : لا مفاداة فيه ولا خلة أحد بمغنية شيئاً من شفاعة أو مسامحة بمال يفتدي به ، كما قال تعالى : { وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } [ البقرة : 123 ] . قال الزمخشري : فإن قلت : كيف طابق الأمر بالإنفاق وصف اليوم بأنه لا بيع فيه ولا خلال ؟ قلت : من قَبِل أن الناس يخرجون أموالهم في عقود المعاوضات فيعطون بدلاً ليأخذوا مثله ، وفي المكارمات ومهاداة الأصدقاء ليستجرّوا بهداياهم أمثالها أو خيراً منها ؛ وأما الإنفاق لوجه الله خالصاً ، فلا يفعله إلا المؤمنون الخلص ، فَبُعِثوا عليه ليأخذوا بدله في يوم لا بيع فيه ولا خلال . أي : لا انتفاع فيه بمبايعة ولا بمخالّة ولا بما ينفقون فيه أموالهم من المعاوضات والمكارمات ، وإنما ينتفع فيه بالإنفاق لوجه الله . انتهى . قال أبو السعود : والظاهر أن { مِّن } متعلقة بـ ( أنفِقُوا ) وتذكير إتيان ذلك اليوم لتأكيد مضمونه ، من حيث أن كلاًّ من فقدان الشفاعة وما يتدارك به التقصير ، معاوضة وتبرعاً ، وانقطاع آثار البيع والخلال الواقعين في الدنيا وعدم الانتفاع بهما - من أقوى الدواعي إلى الإتيان بما تبقى عوائده وتدوم فوائده من الإنفاق في سبيله تعالى . أو من حيث إن ادخار المال وترك إنفاقه ، إنما يقع غالباً للتجارات والمهاداة . فحيث لا يمكن ذلك في الآخرة ، فلا وجه لادخاره إلى وقت الموت . وتخصيصُ التأكيد بذلك لميل الطباع إلى المال ، وكونها مجبولة على حبّه والفتنة به . ولا يبعد أن يكون تأكيداً لمضمون الأمر بإقامة الصلاة أيضاً ، من حيث أن تركها كثيراً ما يكون بالاشتغال بالبيوع والمخالاّت . كما في قوله تعالى : { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا } [ الجمعة : 11 ] . ولما ذكر أحوال الكافرين لنعم الله تعالى ، وأمر المؤمنين بإقامة مراسم الطاعة شكراً لنعمه ، شرع في تفصيل ما يستوجب على كافة الأنام المثابرة على الشكر والطاعة من النعم العظام ، حثاً للمؤمنين عليها وتقريعاً للكفرة المخلّين بها ، الواضعين موضعها الكفر والمعاصي ، فقال سبحانه : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ … }