Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 28-29)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ ٱلسَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوۤءٍ بَلَىٰ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * فَٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ } هذا إخبار عن حال المشركين الظالمي أنفسهم بتبديل فطرة الله ، عند احتضارهم ومجيء الملائكة إليهم لقبض أرواحهم ، بأنهم يلقون السلم ، أي : ينقادون ويسالمون ويتركون المشاقّة . والعدول إلى صيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع . وأصل الإلقاء في الأجسام . فاستعمل في إظهار الانقياد ، وإشعاراً بغاية خضوعهم واستكانتهم . وجعل ذلك كالشيء الملقى بين يَدَيِ القاهر الغالب ، على الاستعارة . وقوله تعالى : { مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوۤءٍ } منصوب بقول مضمر ، حال . أي : قائلين ذلك . أو هو تفسير ( للسلم ) الذي ألقوه ؛ لأنه بمعنى القول . بدليل الآية الأخرى : { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ } [ النحل : 86 ] كما يقولون يوم المعاد : { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] . { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ } [ المجادلة : 18 ] . ثم أخبر تعالى أن الملائكة تجيبهم بقوله : { بَلَىٰ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } أي : فلا يفيد الإنكار والكذب على الأنفس { فَٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا } أي : مقدراً خلودكم . قال ابن كثير : وهم يدخلون جهنم من يوم مماتهم بأرواحهم . وينال أجسادهم ، في قبورها ، من حرّها وسمومها . فإذا كان يوم القيامة سلكت أرواحهم في أجسادهم ، وخلدت في نار جهنم ، لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها . كما قال تعالى : { ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ } [ غافر : 46 ] وقوله : { فَلَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ } أي : بِئْسَ المقيل والمقام لمن كان متكبراً عن آيات الله واتباع رسله . فذكرهم بعنوان التكبُّر ، للإشعار بعليّته لثوائهم فيها . ولما أخبر عن الأشقياء بأنهم قالوا في جواب { مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ } [ النحل : 30 ] هو : { أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ النحل : 24 ] فجحدوا رحمته وكفروا نعمته - تأثره بالإخبار عن السعداء الذين اعترفوا بخيره ورحمته ، بقوله تعالى : { وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ مَاذَا أَنْزَلَ … } .