Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 42-44)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } أي : على ما أوذوا في سبيل الله { وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } أي : فلا يخشون أحَدا غيره . والوصفان المذكوران : الصبر والتوكل ، من أمهات الصفات التي يجب على الداعي إلى الحق ، والمدافع عنه ، أن يكونا خلقاً له . إذ لا ظفر بغاية إلا بهما . ولما عجبوا من إيحاء الله لرسوله ، واصطفائه برسالته ، قيل في درء شبهتهم : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } يعني : أهل الكتاب أو علماء الأخبار . ليعلموكم أنه لم يرسل للدعوة العامة ملك من أهل السماء . فالذكر ، إما بمعنى الكتاب لما فيه من الذكر والعظة ، كقوله : { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ } [ يس : 69 ] أو بمعنى الحفظ لأخبار الأمم السالفة . وفي الآية دليل على وجوب الرجوع إلى العلماء فيما لا يعلم . واستدل بها بعضهم على جواز التقليد في الفروع للعاميّ . وفي ذلك بحث طويل في ( إيقاظ الهمم ) للْفُلانِي فارجع إليه إن شئت . وأشار إلى طَرَفَ منه في ( فتح البيان ) . وقوله تعالى : { بِٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ } أي : بالآيات المبرهنة على صدقهم والكتب المرشدة إلى مصالح الخلق . والجارّ متعلق بمقدر يدل عليه ما قبله ، أي : أرسلناهم . أو بـ { مَآ أَرْسَلْنَا } . أو بـ { نُّوحِيۤ } أو بـ { لاَ تَعْلَمُونَ } ، على أن الشرط للتبكيت والإلزام { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ } أي : القرآن المذكّر والموقظ من سنة الغفلة { لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } أي : مما أمروا ونهوا ووعدوا وأوعدوا { وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } أي : ينظرون لأنفسهم فيهتدون فيفوزون بالنجاة في الدارين . أو يتأملون ما فيه من العبر فيحترزون عما أصاب الأولين . ولذا تأثره بقوله : { أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ … } .