Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 56-57)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ } أي : لآلهتهم التي لا علم لها لأنها جماد { نَصِيباً مِّمّا رَزَقْنَاهُمْ } أي : من الزرع والأنعام وغيرهما تقربا إليها { تَٱللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ } أي : من أنها آلهة يُتقرب إليها . ومرّ نظير الآية في سورة الأنعام في قوله سبحانه : { وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَٰمِ نَصِيباً } الآية [ الأنعام : 136 ] ، فانظر تفصيلها ثَمَّتَ { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ } هذا بيان لعظيمة من عظائمهم ، وهو جعلهم الملائكة الذين هم عباد الرحمن بنات لله ، فنسبوا له تعالى ولدا ولا ولد له . واجترءوا على التفوه بمثل ذلك وعلى نسبة أدنى القسمين له من الأولاد ، وهو البنات . وهم لا يرضونها لأنفسهم لأنهم يشتهون الذكور ، أي : يختارونهم لأنفسهم ويأنفون من البنات . وقد نزه مقامه الأقدس عن ذلك بقوله : { سُبْحَانَهُ } أي : عن إفكهم وقولهم . وفيه تعجيب من جراءتهم على التفوه بهذا المنكر من القول ، ومن مقاسمتهم لجلاله بالاستئثار كما قال سبحانه : { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } [ النجم : 21 - 22 ] وقال تعالى : { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * أَصْطَفَى ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } [ الصافات : 151 - 154 ] . ثم أشار إلى شدة كراهتهم للإناث ، بما يمثل عظم تلك النسبة إلى الجناب الأقدس وفظاعتها ، بقوله سبحانه وتعالى : { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ … } .