Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 103-104)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَأَرَادَ } أي : فرعون { أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلأَرْضِ } أي : يفزعهم ويزعجهم بما يحملهم على خفة الهرب فَرَقاً منه . أو ينفيهم عن ظهر الأرض بالقتل والاستئصال . والضمير لموسى وقومه . و ( الأرض ) أرض مصر ، أو الأرض التي أذن لهم بالمسير إليها وسكناها وهي فلسطين ، وقوله تعالى : { فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً } أي : فحاق به مكره ؛ لأنه تعقبهم بجنوده بعد ما أذن لهم بالسفر من مصر إلى فلسطين ، ليرجعهم إلى عبوديته ، فدمره الله تعالى وجنوده بالإغراق { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ } أي : من بعد إغراقه { لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ } وهي أرض كنعان ، بلد أبيهم إسرائيل التي وعدوا بها . قال ابن كثير : في هذا بشارة للنبي صلى الله عليه وسلم بفتح مكة ، مع أن السورة مكية نزلت قبل الهجرة . وكذلك وقع فإن أهل مكة هموا بإخراج الرسول منها كما قال تعالى : { وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا } [ الإسراء : 76 ] . ولهذا أورث الله رسوله مكة فدخلها عنوة ، على أشهر القولين ، وقهر أهلها ثم أطلقهم حلماً وكرماً . كما أورث الله القوم ، الذين كانوا يستضعفون من بني إسرائيل ، مشارق الأرض ومغاربها وأورثهم بلاد فرعون وأموالهم وزروعهم وثمارهم وكنوزهم كما قال : { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [ الشعراء : 59 ] وقال ههنا : { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ } ، وقوله تعالى : { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ } أي : قيام الساعة { جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } أي : جمعا مختلطين أنتم وعدوّكم . ثم يحكم بينكم ويميز بين سعدائكم وأشقيائكم . ثم نزه سبحانه ساحة القرآن أن يكون مفترى . وبيّن اشتماله على ما يلائم الفطر ويطابق الواقع ، بقوله سبحانه : { وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ … } .