Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 10-11)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وأَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } أي : بالبعث على الأعمال { أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } أي : في الآخرة ، وهو عذاب النار . { وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ } أي : مثل دعائه بالخير { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً } قال أبو السعود : الآية بيان لحال المهدي إثر بيان حال الهادي . وإظهار لما بينهما من التباين . والمراد بالإنسان الجنس ، أُسند إليه حال بعض أفراده . أو حكى عنه حاله في بعض أحيانه . فالمعني ، على الأول : أن القرآن يدعو الإنسان إلى الخير الذي لا خير فوقه من الأجر الكبير . ويحذره من الشر الذي لا شر وراءَه من العذاب الأليم ، وهو - أي : بعض منه وهو الكافر - يدعو لنفسه بما هو الشر من العذاب المذكور ، إما بلسانه حقيقة كدأب من قال : { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الأنفال : 32 ] ومن قال : { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [ الأعراف : 70 ] إلى غير ذلك مما حكى عنهم - وإما بأعمالهم السيئة المفضية إليه ، الموجبة له مجازاً ، كما هو ديدن كلهم . وقوله : { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً } يعني بالإنسان من أسند إليه الدعاء المذكور من أفراده . عجولاً يسارع إلى طلب ما يخطر بباله ، متعامياً عن ضرره . أو مبالغاً في العجلة يستعجل العذاب وهو آتيه لا محالة . ففيه نوع تهكم به . وعلى تقدير حمل الدعاء على أعمالهم ، تحمل العجولية على اللج والتمادي في استيجاب العذاب بتلك الأعمال . وعلى الثاني : أن القرآن يدعو الإنسان إلى ما هو خير . وهو في بعض أحيانه ، كما عند الغضب ، يدعه ويدعو الله تعالى لنفسه وأهله وماله بما هو شر . وكان الإنسان بحسب جبلّته عجولاً ضجراً لا يتأنى إلى أن يزول عنه ما يعتريه . أو يدعو بما هو شر وهو يحسبه خيراً . وكان الإنسان عجولاً غير متبصر لا يتدبر في أموره حق التدبر ليتحقق ما هو خير حقيق بالدعاء به ، وما هو شر جدير بالاستعاذة منه . انتهى . ثم أشار تعالى إلى بعض وجوه الهداية في القرآن ، بالإرشاد إلى مسلك الاستدلال بالآيات والدلائل الآفاقية ، التي كل منها برهان نير لا ريب فيه . ومنهاج بَيِّنٌ لا يضل من ينتحيه ، بقوله سبحانه : وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ … .