Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 55-55)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي : فلا يخفى عليه شيء فيهما . فهو أعلم بهؤلاء ضرورة . وفيه إشارة إلى رحمته تعالى ببعثة الرسل ، لحاجة الخلق إليها . وإلى مشيئته فيمن يصطفي لرسالته ، ويختار لنبوّته ، ويعلمه أَهْلاً لها . وقوله تعالى : { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ } أي : لاقتضاء علمه وحكمته ذلك . فإنه أعلم بمن في السماوات والأَرضِ وأحوالهم . فآتى موسى التوراة وكلمه . وعيسى الإنجيل وداود الزبور . فضلهم بما آتاهم على غيرهم . وقد آتى محمداً القرآن ففضله به على الأنبياء كافة . وقوله تعالى : { وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } أي : يشتمل على الحكمة وفصل الخطاب ، ففضلناه به ، قيل : الآية ردٌّ عليهم إذ استبعدوا أن يكون صلى الله عليه وسلم نبياً ، دون من يعدّونه عظيماً بينهم في الغنى والجاه . وذكر من في السماوات لإبطال قولهم : { لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلاَئِكَةُ } [ الفرقان : 21 ] ذكر من في الأرض لرد قولهم : { لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [ الزخرف : 31 ] وتخصيص داود بالذكر ، إشارة لتفضيل النبي صلى الله عليه وسلم ، كما دل عليه ما كتب فيه من { أَنَّ ٱلأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّالِحُونَ } [ الأنبياء : 105 ] ففيه تلميح إلى ما وقع فيه من وصفه بما ذكر فيه . وإيثار الزبور على الملك بيان لحيثية شرفه ، وأنه بما أوحي إليه من الكتاب والعلم ، لا بالملك والمال ، كذا قالوا . والظاهر أنه للإشارة إلى أن داود عليه السلام لم يكن في نشأته الأولى ممن يظن أنه يبلغ ما بلغ في الحكمة والملك . وقد اختصه الله بهما وميزه الله على أهل عصره . وإذ كان ذلك اختصاصاً ربانياً ، فلا غرابة أن يختص سبحانه من العرب ، مَن علم أنه أرجحهم عقلا ، وأكملهم فضلاً ، لختم نبوته ، وهداية بريته ، بمنهاجه وشرعته .