Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 80-81)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ } أي : مدخلاً حسناً مرضياً بلا آفة { وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ } أي : مُخرجاً حسناً مرضياً من غير آفة الميل إلى النفس ، ولا الضلال بعد الهدى . { وَٱجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً } أي : عزاً ناصراً للإسلام على الكفر ، مظهراً له عليه . وقد رأى المهايميّ ارتباط الآية بما قبلها في معناها حيث قال : { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي } أي : في هذه العبادات فإنها لا توصلك إلى المقام المحمود ، إلا إذا صدق دخولك فيها وخروجك عنها . ولا يتم إلا بإمداد الله بعد استمدادك منه . وقولك : { رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ } أي : بمشاهدتك في هذه العبادات ، وتخليتي عن الرياء والعجب ، وتصفيتي بإخلاص العمل ، وإخلاص طلب الأجر ، ورؤية المنة لله ، ورؤية التقصير فيها . { وَأَخْرِجْنِي } عنها { مُخْرَجَ صِدْقٍ } فلا تستعملني فيما يحبطها عليَّ ، ولا تردني على نفسي . وإذا غلبني الشيطان أو النفس أو الخلق ، أو وردت عليَّ شبهة ، فاجعل لي من لدنك ، لا من عند فِكرِي ، { سُلْطَاناً } أي : حجة { نَّصِيراً } ينصرني على ما ذكر . ليبقي علي عبادتي فيوصلني إلى المقام المحمود . انتهى . واللفظ الكريم محتمل لذلك . ويظهر لنا أنه إشارة للهجرة كما ستراه . { وَقُلْ } أي استبشاراً بقرب الظفر والنصر ، وترهيباً للمشركين { جَآءَ ٱلْحَقُّ } وهو الوعد بالسلطان النصير والإسلام ودولته { وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ } أي : ذهب وهلك . وهو الشرك وجولته { إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً } أي : مضمحلاَّ غير ثابت في كل وقت . تنبيه سياق هذه الآيات ، مع سياقها أعني قوله تعالى : { وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ } [ الإسراء : 76 ] يدل على أن نزولها في أوقات الاهتمام للهجرة إلى المدينة ، ومبارحة مكة ، وأنه تعالى أمر نبيَّه بأن يبتهل إليه في تيسير إدخاله لمهاجَره على ما يرضيه ، وإخراجه من بلده كذلك . وأن يجعل له حماية من لدنه ، تعزّ جانبه وتعصمه ممن يرومه بسوء . وأسلوب التنزيل العزيز في مثل هذا الدعاء ، هو إرادة الخبر بحصول المدعوّ ، ومشيئة الله بوقوعه عن قرب . ولذلك عقبه بقوله : { وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ } إعْلاَماً بأن الأمر تم ، والفرج جاء ، ودحر الباطل ورجع إلى أصله ، وهو العدم . روى الحافظ أبو يعلى عن جابر رضي الله عنه قال : دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة . وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما ، تعبد من دون الله . فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكبّت على وجوهها . وقال : { جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً } . ورواه الشيخان وغيرهما عن ابن مسعود ، بنحوه . قال في ( الإكليل ) فيه استحباب تلاوة هذه الآية عند إزالة المنكر . ثم بيّن تعالى خسار المشركين ، بإعراضهم عما يشفي أمراضهم المعنوية ، وهو القرآن الكريم ، ونجاح المؤمنين بالاستشفاء بهداه ورحمته ، بقوله : { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ … } .