Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 47-47)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً } أي : مبالغاً في اللطف بي . وفي جوابه بقوله عليه السلام : { سَلاَمٌ عَلَيْكَ } مقابلة السيئة بالحسنة . كما قال تعالى : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } [ الفرقان : 63 ] أي : لا أصيبك بمكروه بعد . ولكن سأدعو ربي أن يغفر لك . كما قال : { وَٱغْفِرْ لأَبِيۤ } [ الشعراء : 86 ] قال الزمخشري : وفي الآية دليل على جواز متاركة المنصوح والحال هذه . ويجوز أن يكون دعا له بالسلامة ؛ استمالة له . ألا ترى أنه وعده بالاستغفار ؟ وفي ( الإكليل ) : استدل بعضهم بالآية على جواز ابتداء الكافر بالسلام . وقال ابن كثير : قد استغفر إبراهيم صلى الله عليه وسلم لأبيه مدة طويلة ، وبعد أن هاجر إلى الشام وبنى المسجد الحرام . وبعد أن ولد له إسماعيل وإسحاق في قوله : { رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ٱلْحِسَابُ } [ إبراهيم : 41 ] وقد استغفر المسلمون لقراباتهم وأهليهم من المشركين في ابتداء الإسلام . وذلك اقتداء بإبراهيم الخليل في ذلك . حتى أنزل الله تعالى : { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءآؤُاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [ الممتحنة : 4 ] إلى قوله : { إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ } [ الممتحنة : 4 ] يعني : إلا في هذا القول فلا تتأسّوا به . ثم بيّن تعالى أن إبراهيم أقلع عن ذلك ورجع عنه ، فقال تعالى : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ } [ التوبة : 13 ] إلى قوله : { وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ } [ التوبة : 114 ] ، وقوله : { وَأَعْتَزِلُكُمْ … } .