Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 100-100)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } الهمزة للإنكار ، والواو للعطف على محذوف يقتضيه المقام ، أي كفروا بالآيات بالبينات ، { أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ } … الخ . أو أينكرون فسقهم { وَكُلَّمَا } … الخ ، وقيل : الواو زائدة ، وقيل هي " أو " التي لأحد الشيئين . حركت بالفتح . وقد قرئ شاذاً بسكونها . فتكون بمعنى بل ، دلت عليه القرينة ، أعني قوله : { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } ترقياً إلى الأغلظ فالأغلظ . قال ابن جنى : " أو " هذه هي التي بمعنى " أم " المنقطعة ، وكلتاهما بمعنى " بل " - موجودة في الكلام كثيراً . أنشد الفراء لذي الرمة : @ بَدَتْ مِثْلَ قَرْنِ الشَّمْسِ فِيْ رَوْنَقِ الضُّحَى وَصُوْرَتِهَا ، أَوْ أَنْتَ فِيْ الْعَيْنِ أَمْلَحُ @@ وكذا قال في قوله تعالى : { وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } [ الصافات : 147 ] وعلى الوجه الأول ، فالمقصود من هذا الاستفهام الإنكار وإعظام ما يقدمون عليه ، لأن مثل ذلك ، إذا قيل بهذا اللفظ كان أبلغ في التنكير والتبكيت ، ودل بقوله : { أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ } على عهدٍ بعد عهدٍ نقضوه ونبذوه . بل يدل على أن ذلك كالعادة فيهم ، فكأنه تعالى أراد تسلية الرسول عند كفرهم بما أنزل عليه من الآيات ، بأن ذلك ليس ببدع منهم بل هو سجيتهم وعادتهم وعادة سلفهم ، على ما بينه في الآيات المتقدمة من نقضهم العهود والمواثيق حالاً بعد حال ، لأن من يعتاد منه هذه الطريقة لا يصعب على النفس مخالفته ، كصعوبة من لم تجر عادته بذلك . قال العلامة : واليهود موسومون بالغدر ونقض العهود ، وكم أخذ الله الميثاق منهم ، ومن آبائهم فنقضوا ، وكم عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفوا { ٱلَّذِينَ عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ } [ الأنفال : 56 ] . والنبذ الرمي بالذمام ، ورفضه . وإسناده إلى فريق منهم ، لأن منهم من لم ينبذه . وفي قوله : { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } دفع لما يتوهم من أن النابذين هم الأقلون ، قوله تعالى : { وَلَمَّآ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ … } .