Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 111-111)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالُواْ } أي : أهل الكتاب من اليهود والنصارى : { لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } نشرٌ لما لفّته الواو في { وَقَالُواْ } ، واليهود جمع هائد ، كعوذ جمع عائذ . وقرئ : " إلا من كان يَهُودياً أو نَصْرانياً " . { تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ } جملة معترضة مبينة لبطلان ما قالوا . والأمانيّ جمع أمنية وهي ما يتمنى . كالأعجوبة والأضحوكة . فإن قيل : قوله : { لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ } أمنية واحدة ، فلمَ قال : أمانيهم ؟ أجيب : بأن الجمع باعتبار صدوره عن الجميع ، وأجاب صاحب الانتصاف : بأنهم لشدة تمنيهم هذه الأمنية ومعاودتهم لها وتأكدها في نفوسهم ، جمعت ، ليفيد جمعها أنها متأكدة في قلوبهم ، بالغة منهم كل مبلغ ، والجمع يفيد ذلك ، وإن كان مؤداه واحداً . ونظيره قولهم : مِعيً جياعٌ ، فجمعوا الصفة ، ومؤادها واحد ؛ لأن موصوفها واحد ، تأكيداً لثبوتها وتمكنها . وهذا المعنى أحد ما روى في قوله تعالى : { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ } [ الشعراء : 54 ] فإنه جمع ( قليلاً ) وقد كان الأصل إفراده فيقال : " لشرذمة قليلة " كقوله تعالى : { كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ } [ البقرة : 249 ] لولا ما قصد إليه من تأكيد معنى القلة بجمعها . ووجه إفادة الجمع في مثل هذا للتأكيد ، أن الجمع يفيد بوضعه الزيادة في الآحاد ، فنقل إلى تأكيد الواحد ، وإبانة زيادته على نظرائه ، نقلاً مجازياً بديعاً . فتدبر هذا الفصل فإنه من نفائس صناعة البيان . والله الموفق . { قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ } حجتكم على اختصاصكم بدخول الجنة { إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } في دعواكم . قال الرازي : دلت الآية على أن المدعي سواء ادعى نفياً أو إثباتاً ، فلا بد له من الدليل والبرهان ، وذلك من أصدق الدلائل على بطلان القول بالتقليد ، قال الشاعر : @ من ادَّعى شيئاً بلا شاهدٍ لا بد أن تَبْطُلَ دعواهُ @@ انتهى كلام الرازيّ . وسبقه إلى ذلك الزمخشريّ حيث قال : وهذا أهدم شيء لمذهب المقلدين ، وإن كل قول لا دليل عليه ، فهو باطل غير ثابت . انتهى .