Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 133-133)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ } أي : ما كنتم حاضرين حينئذ ، فـ { أَمْ } منطقعة مقدّرة بـ " بل " ، والهمزة ، وفي الهمزة الإنكار المفيد للتقريع والتوبيخ . والشهداء جمع شهيد أو شاهد بمعنى الحاضر ، وحضور الموت حضور مقدماته { إِذْ قَالَ } أي : يعقوب { لِبَنِيهِ } وهم : رأُوبَيْن ، وشِمْعُونَ ، ولاَوِي ، ويَهُوذَا ، ويَسَّاكَر ، وزَبُولُون ، ويُوسُف ، وَبَنْيامينُ ، ودَانُ ، ونَفْتاَلي ، وجادُ ، وأشِيرُ ، وهم الأسباط الآتي ذكرهم { مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي } أي : أيّ شيء تعبدونه بعد موتي ، وأراد بسؤاله تقريرهم على التوحيد والإسلام ، وأخذ ميثاقهم على الثبات عليهما { قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ } عطف بيان لآبائك . وجعل إسماعيل وهو عمه من جملة آبائه ، لأن العم أب والخالة أم ، لانخراطهما في سلك واحد ، وهو الأخوّة ، لا تفاوت بينهما . ومنه حديث الترمذيّ عن عليّ كرم الله وجهه ، رفعه " عم الرجل صنو أبيه " أي : لا تفاوت بينهما ، كما لا تفاوت بين صنوي النخلة . وفي الصحيحين عن البراء ، رفعه : " الخالة بمنزلة الأم " ؛ وروى ابن سعد عن محمد بن عليّ مرسلا ً : " الخالة والدة " { إِلَـٰهاً وَاحِداً } بدل من إله آبائك ، كقوله تعالى : { بِٱلنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } [ العلق : 15 - 16 ] أو على الاختصاص ، أي نريد بإله آبائك إلهاً واحداً ، وفي ذلك تحقيق للبراءة من الشرك ، للتصريح بالتوحيد . ثم أخبروا بعد توحيدهم بإخلاصهم في عبادتهم ، بقولهم { وَنَحْنُ لَهُ } أي : وحده لا لأب ولا غيره { مُسْلِمُونَ } أي : مطيعون خاضعون ، كما قال تعالى : { وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً } [ آل عمران : 83 ] . والإسلام هو ملة الأنبياء قاطبة ، وإن تنوّعت شرائعهم ، واختلفت مناهجهم ، كما قال تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ } [ الأنبياء : 25 ] والآيات في هذا كثيرة ، والأحاديث . ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : " نحن معاشر الأنبياء أولاد علاتٍ ، دينناً واحد " وقد اشتمل نبأ وصية إبراهيم ويعقوب عليهما السلام لبنيهما على دقائق مرغبة في الدين ، منها أنه تعالى لم يقل : " وأمر إبراهيم بنيه " بل قال : وصاهم ، ولفظ الوصية أوكد من الأمر ؛ لأن الوصية عند الخوف من الموت ، وفي ذلك الوقت يكون احتياط الإنسان لدينه أشد وأتم ، فدل على الاهتمام بالموصي به ، والتمسك به . ومنها تخصيص بنيهما بذلك ، وذلك لأن شفقة الرجل على أبنائه أكثر من شفقته على غيرهم ، فلما خصَّاهُم بذلك في آخر عمرهما علمنا أن اهتمامهما بذلك كان أشد من اهتمامهما بغيره . ومنها أنهما ، عليهما السلام ، ما مزجا بهذه الوصية وصية أخرى . وهذا يدل على شدة الاهتمام أيضاً . إلى دقائق أخرى أشار إليها الفخر ، عليه الرحمة .