Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 191-191)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱقْتُلُوهُمْ } أي : الذين يقاتلونكم { حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم } أي : وجدتموهم . { وَأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ } أي : من مكة ، فإن قريشاً أخرجوا المسلمين منها . والمسلمون أخرجوا المشركين يوم الفتح . { وَٱلْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلْقَتْلِ } أي : المحنة والبلاء الذي ينزل بالإنسان يتعذب به ، أشدّ عليه من القتل . أي : إنّ فتنتهم إيّاكم في الحرم عن دينكم - بالتعذيب ، والإخراج من الوطن ، والمصادرة في المال - أشدُّ قبحاً من القتل فيه ؛ إذ لا بلاء على الإنسان أشدّ من إيذائه على اعتقاده الذي تمكّن من عقله ونفسه . ورآه سعادة له في عاقبة أمره . فالجملة دفع لما قد يقع من استعظام قتلهم في مثل الحرم ، وإعلامٌ بأنّ القصاص منهم بالقتل دون جرمهم بفتنة المؤمنين ؛ لأن الفتنة أشدّ من القتل . { وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ } لأنَّ حرمته لذاته . وحرمة سائر الحرم من أجله . وهذا بمثابة الاستثناء من قوله تعالى : { وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم } { فَإِن قَاتَلُوكُمْ } أي : فيه فلا تفتقرون إلى الفرار عن الحرم { فَٱقْتُلُوهُمْ } فيه إذْ لا حرمة لهم لهتكهم حرمة المسجد الحرام { كَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ } لا يترك لهم حرمة كما لم يتركوا حرمة الله في آياته . تنبيه دلَّت الآية على الأمر بقتال المشركين في الحرم ، إذا بدؤوا بالقتال فيه ، دفعاً لصولتهم . كما بايع النبيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم الحديبية تحت الشجرة على القتال . لمّا تألب عليه بطون قريش ومَنْ والاهم من أحياء ثقيف والأحابيش عامئذٍ . ثم كفّ الله القتال بينهم فقال : { وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ } [ الفتح : 24 ] . وقال صلى الله عليه وسلم لخالد ومن معه يوم الفتح : " إن عرض لكم أحدٌ من قريش فاحصدوهم حصداً حتى توافوني على الصفا … " فما عرض لهم أحدٌ إلا أناموه ، وأصيب من المشركين نحو اثني عشر رجلاً . كما في السيرة .