Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 245-245)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَٰعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً } - هذا حَثٌّ من الله تعالى لعباده على الصدقة ، وقد كرر تعالى هذه الآية في كتابه العزيز في غير موضع . قال القرطبي : طلب القرض في هذه الآية لما هو تأنيب وتقريب للناس بما يفهمون . والله هو الغني الحميد ، لكنه تعالى شبه إعطاءه المؤمنين ، وإنفاقهم في الدنيا الذي يرجون ثوابه في الآخرة ، بالقرض ، كما شبه إعطاء النفوس والأموال في أخذ الجنة ، بالبيع والشراء . حسبما يأتي بيانه في سورة براءة ، وكنى الله سبحانه وتعالى عن الفقير بنفسه العلية المنزهة عن الحاجات ترغيباً في الصدقة . كما كنى عن المريض والجائع والعطشان بنفسه المقدسة ، ففي صحيح الحديث إخباراً عن الله تعالى : " يا ابن آدم ! مرضتُ فلم تعدني ، استطعمتك فلم تطعمني ، استسقيتك فلم تَسْقِني . قال : يا رب ! كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه . أمَا أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي " ، وكذا فيما قبله . أخرجه الشيخان . وهذا كله خرج مخرج التشريف لمن كنى عنه ترغيباً لمن خوطب به . وقد أخرج سعيد بن منصور والبزار والطبرانيّ وغيرهم عن ابن مسعود قال : " لما نزلت هذه الآية ، قال أبو الدحداح الأنصاريّ : يا رسول الله ! وإن الله ليريد منا القرض ؟ قال : " نعم ، يا أبا الدحداح ! " قال : أرني يدك ، يا رسول الله ! فناوله يده . قال : فإني قد أقرضت ربي حائطي ، وحائط له ، فيه ستمائة نخلة . وأم الدحداح فيها وعيالها ، فجاء أبو الدحداح فناداها : يا أم الدحداح ! قالت : لبيك . قال : اخرجي فقد أقرضته ربي عز وجل . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " قد قبله منك " . فأعطاه النبيّ صلى الله عليه وسلم اليتامى الذين في حجره . فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " رب عذْق لأبي الدحداح مدلّى في الجنة " وفي رواية : " كم من عذق " الخ . وقوله تعالى : { حَسَناً } أي : طيبة به نفسه من دون مَنّ ولا أذى . وقوله سبحانه : { فَيُضَٰعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً } كما قال سبحانه : { مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَٱللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [ البقرة : 261 ] . ولما رغب سبحانه في إقراضه أتبعه جملة مرهبة مرغبة فقال : { وَٱللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ } أي : يضيّقَ على من يشاء من عباده في الرزق ويوسعه على آخرين . أي : فلا تبخلوا عليه بما وسع عليكم ، لئلا يُبدِّل السعة الحاصلة لكم بالضيق . { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي : يوم القيامة فيجازيكم . قال المهايميّ : وكيف ينكر بسط الله وقبضه وهو الذي يعطي الفقير الملك ويسلبه من أهله ، ويقوي الضعفاء من الجمع القليل ويضعف الأقوياء من الجمع الكثير ؟ يعني كما قصه تعالى في قوله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلْمَلإِ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىۤ إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ … } .