Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 41-41)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ } أي : من القرآن { مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } أي : موافقاً بالتوحيد ، وصفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته ، وبعض الشرائع ، لما معكم من الكتاب - كما في التنوير - قال ابن جرير : أمرهم بالتصديق بالقرآن ، وأخبرهم أن في تصديقهم بالقرآن تصديقاً منهم للتوراة ، لأن الذي في القرآن من الأمر بالإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه واتباعه ، نظير الذي من ذلك في الإنجيل والتوراة ، ففي تصديقهم بما أنزل على محمد ، تصديق منهم لما معهم من التوراة . وفي تكذيبهم به تكذيب منهم لما معهم من التوراة . انتهى . وتقييد المنزل بكونه مصدقاً لما معهم ، لتأكيد وجوب الامتثال بالأمر ، فإن إيمانهم بما معهم مما يقتضي الإيمان بما يصدقه قطعاً . تنبيه كثيراً ما يستدل مجادلة أهل الكتاب على عدم تحريف كتبهم بهذه الآية وأمثالها ، كآية : { وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ } [ البقرة : 89 ] ، وآية : { وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } [ يونس : 37 ، يوسف : 111 ] وغيرهما . مع أنه ثبت بالبراهين القاطعة ذهاب قدر كبير من كتبهم ، واختلاط حقها بباطلها فيما بقي ، كما صنفت في ذلك مصنفات عدة ، وقد رُدَّ استدلالهم بهذه الآية وأمثالها على ما ادعوه ، بأن معنى كون القرآن مصدقاً لما معهم ، ما ذكرناه قبل في تأويلها . وحاصله أن ما أنزل عليه صلى الله عليه وسلم هو طبق ما عندهم من حقية نبوته ، وصحة البشائر عنه ، كما قال تعالى : { وَلَمَّآ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ } [ البقرة : 101 ] أي : أنه عليه السلام جاء طبق ما عندهم عنه في التوراة والإنجيل ، وبمعنى أن أحواله جميعاً توافق البشائر { وَلاَ تَكُونُوۤاْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } يعني من جنسكم أهل الكتاب ، بعد سماعكم بمبعثه . فالأولية نسبية ، فإن يهود المدينة أول بني إسرائيل خوطبوا بالقرآن ، أو هو تعريض بأنه كان يجب أن يكونوا أول من يؤمن به لمعرفتهم به وبصفته ، ولأنهم كانوا المبشرين بزمان من أوحى إليه ، والمستفتحين على الذين كفروا به ، وكانوا يعدون أتباعه أول الناس كلهم ، فلما بعث كان أمرهم على العكس ، لقوله : { فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ } [ البقرة : 89 ] . { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَٰتِي ثَمَناً قَلِيلاً } أي : لا تعتاضوا عن الإيمان بآياتي وتصديق رسولي ، بالدنيا وشهواتها ، فإنها قليلة فانية ، فالاشتراء استعارة للاستبدال . { وَإِيَّٰيَ فَٱتَّقُونِ } بالإيمان واتباع الحق ، والإعراض عن حطام الدنيا .