Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 71-71)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ } . أي : لم تذلل لإثارة الأرض وسقي الحرث . و { لاَّ ذَلُولٌ } صفة للبقرة . بمعنى غير ذلول و { لاَّ } الأولى للنفي ، والثانية مزيدة لتوكيد الأولى . لأن المعنى : لا ذلول تثير وتسقي ، على أن الفعلين صفتان لذلول ، كأنه قيل : لا ذلول مثيرة وساقية ، والمقصود : إنها مكرمة ليست مذللة بالحراثة ، ولا مُعَدة للسقي في السانية . { مُسَلَّمَةٌ } ، سلمها الله من العيوب ، أو معفاة من العمل ، سلمها أهلها منه ، أو مخلصة اللون لم يشب صفرتها شيءٌ من الألوان . من : سلم له كذا ، إذا خلص له { لاَّ شِيَةَ فِيهَا } ، أي : لا لون فيها يخالف لون جلدها من بياض وسواد وحمرة ، فهي صفراء كلها ، وهي في الأصل مصدر : وشاه وشيا وشية ، إذا خلط بلونه لوناً آخر . في الصحاح : الشية : كل لون يخالف معظم لون الفرس وغيره . والهاء عوض من الواو الذاهبة من أوله . والجمع : شيات . يقال : ثور أَشْيَه ، كما يقال : فرس أبلق . { قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ } أي : بحقيقة وصف البقرة بحيث ميزتها عن جميع ما عداها ، ولم يبق لنا في شأنها اشتباه أصلاً . بخلاف المرتين الأوليين ، فإن ما جئت به فيهما لم يكن في التعيين بهذه المرتبة { فَذَبَحُوهَا } ، الفاء فصيحة ، كما في { فَٱنفَجَرَتْ } ، أي : فحصلوا البقرة فذبحوها { وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ } كاد من أفعال المقاربة ، وضع لدنوّ الخبر من الحصول ، والجملة حال من ضمير ذبحوا ، أي : فذبحوها والحال أنهم كانوا قبل ذلك بمعزل منه . اعتراض تذييليّ ومآله استثقال استقصائهم واستبطاء لهم ، وأنهم لفرط تطويلهم وكثرة مراجعاتهم ما كاد ينتهي خيط إسهامهم فيها . تنبيه قال الراغب : قال بعض الناس : في هذه الآية دلالة على نسخ الشيء قبل فعله . فإن في الأول أمروا بذبح بقرة غير معينة ، وكان لهم أن يذبحوا أي بقرة شاؤوا . وفي الثاني والثالث أمروا بذبح بقرة مخصوصة فكأنهم نهوا عما كانوا أمروا به من قبل . وليس كذلك ، فإن الأول أمر مطلق ، والثاني والثالث كالبيان له ، لما راجعوا ، ولم يسقط عنهم ذبح البقرة . بل زيد في أوصافها وكشف عن المراد بالأمر الأول . وفي الآية دلالة على جواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة .