Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 85-85)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ أَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ } خطاب خاص للحاضرين ، فيه توبيخ شديد { تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنْكُمْ مِّن دِيَارِهِمْ } من غير التفات إلى هذا العهد الوثيق { تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ } أي : تتعاونون عليهم { بِٱلإِثْمِ } وهو الفعل الذي يستحق فاعله الذم واللوم { وَالْعُدْوَانِ } وهو التجاوز في الظلم { وَإِن يَأتُوكُمْ } أي : هؤلاء الذين تعاونتم أو عاونتم عليهم { أُسَارَىٰ } بضم الهمزة ، وفتح السين ، والألف بعدها . وقرأ حمزة " أَسْرى " بفتح الهمزة ، وسكون السين كقتلى ، جمع أسير ، وأصله المشدود بالأسر ، وهو القد ، وهو ما يُقد أي يقطع من السير { تُفَادُوهُمْ } بضم التاء وفتح الفاء . وقرئ " تَفْدوهم " بفتح التاء وسكون الفاء ، أي : تخلصوهم بالمال من الفداء . وهو الفكاك بِعوَضٍ { وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ } الجملة حال من الضمير في { وَتُخْرِجُونَ } أو من { فَرِيقاً } أو منهما ، وتخصيصُ بيان الحرمة ههنا بالإخراج ، مع كونه قريناً للقتل عند أخذ الميثاق ، لكونه مظنة للمساهلة في أمره ، بسبب قلة خطره بالنسبة إلى القتل ، ولأن مساق الكلام لذمهم وتوبيخهم على جناياتهم وتناقض أفعالهم معاً . وذلك مختص بصورة الإخراج حيث لم ينقل عنهم تدارك القتلى بشيء من دية أو قصاص ، وهو السر في تخصيص التظاهر به فيما سبق ، ثم أنكر عليهم التفرقة بين الأحكام فقال : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ } أي : التوراة وهو الموجب للمفاداة { وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } وهو المحرم للقتل والإخراج . ثم اعلم أن ما ذكرناه في قوله تعالى : { تُفَادُوهُمْ } و { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ } هو ما ذهب إليه جمهور المفسرين من أن ذلك وصف لهم بما هو طاعة ، وهو التخليص من الأسر ببذل مال أو غيره ، والإيمان بذلك . وذكر أبو مسلم أنه ضد ذلك . والمراد أنكم ، مع القتل والإخراج ، إذا وقع أسير في أيديكم لم ترضوا منه إلا بأخذ مال وإن كان ذلك محرماً عليكم ؛ ثم عنده تخرجونه من الأسر . قال أبو مسلم : والمفسرون ، إنما أُتُوا من جهة قوله تعالى : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } وهذا ضعيف لأن هذا القول راجع إلى ما تقدم من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وما أنزل عليهم ، والمراد أنه إذا كان في الكتاب الذي معكم نبأ محمد فجحدتموه فقد آمنتم ببعض الكتاب وكفرتم ببعض . وكلا القولين يحتمله لفظ المفاداة ، لأن الباذل عن الأسير يوصف بأنه فاداه ، والآخذ منه للتخليص يوصف أيضاً بذلك ، إلا أن الذي أجمع المفسرون عليه أقرب ، لأن عود قوله : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } إلى ما تقدم ذكره في هذه الآية ، أولى من عوده إلى أمور تقدم ذكرها بعد آيات . أفاده الرازي . { فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذٰلِكَ مِنكُمْ } إشارة إلى الكفر ببعض الكتاب مع الإيمان ببعضٍ ، أو إلى ما فعلوا من القتل والإجلاء مع مفاداة الأسارى { إِلاَّ خِزْيٌ } ذلّ وهوان مع الفضيحة ، والتنكير للتفخيم ، { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } وقد فعل سبحانه ذلك ، فَقُتِلَتَ بنو قريظة وأُجليت بنو النضير إلى أَذْرِعاتٍ وأريحا من الشام { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ ٱلّعَذَابِ } يعني : النار { وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } .