Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 87-87)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ } شروع في بيان بعضٍ آخر من جناياتهم ، وتصديرُه بالجملة القسمية لإظهار كمال الاعتناء به ، والمراد بالكتاب التوراة . { وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِٱلرُّسُلِ } يقال : قفَّاه به أتبعه إياه ، من التقفية وهي متابعة شيء شيئاً ، كأنه يتلو قفاه ، وقفا الصورة منها ، خلفها المقابل للوجه ، والمعنى لم نقتصر على الضبط بالكتاب الذي تركه فيكم موسى ، بل أرسلنا من بعده الرسل تترى ، ليجددوا لكم أمر الدين ويؤكدوا عليكم العهود . { وَآتَيْنَا عِيسَى } اسم معرّب أصله يسوع ، لفظة يونانية بمعنى مخلص ، ومثله يشوع ، بالمعجمة ، في اللغة العبرانية { ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ } المعجزات الواضحات التي لا مرية فيها لذي عقل ، كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص { وَأَيَّدْنَاهُ } أي : قويناه على ذلك كله { بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } بالروح المقدسة كما تقول : حاتم الجودِ ورجلُ صدقٍ ، وهي الروح الطاهرة التي نفخها الله فيه وميزه بها عن غيره ممن خلق ، قال تعالى : { وَرُوحٌ مِّنْهُ } [ النساء : 171 ] ، ولذا كان له ، عليه الصلاة والسلام ، بالروح مزيد اختصاص لكثرة ما أحيى من الموتى . وعن الحسن البصريّ : القدس هو الله ، وروحه جبريل ، والإضافة للتشريف ، والمعنى أعَنَّاه بجبريل . قال الرازي : والذي يدل على أن روح القدس جبريل قوله تعالى : { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلْقُدُسِ } [ النحل : 102 ] والله أعلم . وتخصيصه من بين الرسل عليهم السلام بالذكر ووصفه بما ذكر من إيتاء البينات والتأييد بروح القدس لحسم مادة اعتقادهم الباطل في حقه عليه السلام ، ببيان حقيته وإظهار نهاية قبح ما فعلوا به عليه السلام { أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ } من الحق ، أي : لا تحبه . من هَوِي كفرحٍ ، إذا أحب { ٱسْتَكْبَرْتُمْ } عن الاتباع له والإيمان بما جاء به من عند الله تعالى { فَفَرِيقاً } منهم { كَذَّبْتُمْ } إذ لم تنل أيديكم مَضرَّته { وَفَرِيقاً } آخر منهم { تَقْتُلُونَ } غير مكتفين بتكذيبهم .