Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 108-112)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ إِنَّمَآ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } أي : ما يوحى إليّ ، إلا استئثاره تعالى بالوحدانية في الألوهية . ومعنى القصر على ذلك : أنه الأصل الأصيل ، وما عداه راجع إليه وغير منظور إليه في جنبه . فهو قصر دعائيّ { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } أي : منقادون لما يوحى من التوحيد ، مستسلمون له { فَإِن تَوَلَّوْاْ } أي : عن التوحيد { فَقُلْ ءَاذَنتُكُمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ } أي : أعلمتكم وهديتكم على كلمة سواء بيننا وبينكم ، نؤمن بها ونجني ثمرات سعادتها في الدارين . أو المعنى : دللتكم على صراط مستقيم ، وبلغتكم الأمر به . فإن آمنتم به فقد سعدتم ، وإلا فإن وعد الجاحدين آتيكم ، وليس بمصروف عنكم . وإن كنت لا أدري متى يكون ذلك ؛ لأن الله تعالى لم يعلمني علمه ، ولم يطلعني عليه كما قال { وَإِنْ أَدْرِيۤ } أي : وما أدري { أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ } أي : من الفتح عليكم ، وإيراث أرضكم غيركم ، ولحوق الذل والصغار بعصيانكم { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ } أي : فسيجزيكم على ذلك { وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ } أي : وما أدري لعل تأخير جزائكم استدراج لكم ، وزيادة في افتتانكم ، أو ابتلاء لينظر كيف تعملون . فـ ( الفتنة ) إما مجاز عن الاستدراج بذكر السبب وإرادة المسبب ، أو هو بمعناه الأصليّ . فهو استعارة مصرحة . وقول تعالى : { وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ } أي : تمتيع لكم إلى أجل مقدور . والتمتيع بمعنى الإبقاء : والتأخير { قَالَ } وقرئ : ( قُل ) { رَبِّ ٱحْكُم بِٱلْحَقِّ } أي : افصل بيننا وبينهم بالحق . وذلك بنصر من آمن بما أنزلت ، على من كفر به ، كقوله تعالى : { رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ } [ الأعراف : 89 ] ، { وَرَبُّنَا ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ } أي : من الكذب والافتراء على الله ورسوله . بنصر أوليائه ، وقهر أعدائه . وقد أجاب سبحانه دعوته ، وأظهر كلمته ، فله الحمد في الأولى والآخرة ، إنه حميد مجيد . قال الرازيّ : قال القاضي : إنما ختم الله هذه السورة بقوله : { قَالَ رَبِّ ٱحْكُم بِٱلْحَقِّ } لأنه عليه السلام كان قد بلغ في البيان لهم الغاية . وبلغوا النهاية في أذيته وتكذيبه . فكان قصارى أمره تعالى بذلك تسليةً له وتعريفاً أن المقصود مصلحتهم . فإذا أبوا إلا التمادي في كفرهم ، فعليك بالانقطاع إلى ربك ، ليحكم بينك وبينهم بالحق . إما بتعجيل العقاب بالجهاد أو بغيره . وإما بتأخير ذلك . فإن أمرهم وإن تأخر فما هو كائن قريب . وما روي أنه عليه السلام كان يقول ذلك في حروبه ، كالدلالة على أنه تعالى أمره أن يقول هذا القول ، كالاستعجال للأمر بمجاهدتهم . وبالله التوفيق .