Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 14-16)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالُواْ } أي : لما أيقنوا بنزول العذاب { يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ } أي : تلك الكلمة وهي { يٰوَيْلَنَآ } دعوتهم فلا تختص بوقت الدهشة ، بل تدوم عليهم ما أمكنهم النطق { حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً } أي : كنبات محصود { خَامِدِينَ } أي : هالكين بإخماد نار أرواحهم { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَـٰعِبِينَ } أي : بل للإنعام عليهم . وما أنعمنا عليهم بذلك إلا ليقوموا بشكرها وينصرفوا إلى ما خلقوا له . قال الزمخشريّ عليه الرحمة : أي : وما سوينا هذا السقف المرفوع وهذا المهاد الموضوع وما بينهما من أصناف الخلائق ، مشحونة بضروب البدائع والعجائب ، كما تسوي الجبابرة سقوفهم وفرشهم وسائر زخارفهم ، للهو واللعب . وإنما سويناها للفوائد الدينية ، والحكم الربانية ، لتكون مطارح افتكار واعتبار واستدلال ونظر لعبادنا ، مع ما يتعلق لهم بها من المنافع التي لا تعد والمرافق التي لا تحصى . وقال أبو السعود : في هذه الآية إشارة إجمالية إلى أن تكوين العالم وإبداع بني آدم ، مؤسس على قواعد الحكم البالغة ، المستتبعة للغايات الجليلة . وتنبيه على أن ما حكي من العذاب الهائل والعقاب النازل بأهل القرى ، من مقتضيات تلك الحكم ومتفرعاتها . عن حسب اقتضاء أعمالهم إياه . وإن للمخاطبين المقتدين بآثارهم ذنوباً مثل ذنوبهم . أي ما خلقناهما وما بينهما على هذا النمط البديع والأسلوب المنيع ، خالية عن الحكم والمصالح . وإنما عبر عن ذلك باللعب واللهو ، حيث قيل : { لَـٰعِبِينَ } لبيان كمال تنزهه تعالى عن الخلق الخالي عن الحكمة . بتصويره بصورة ما لا يرتاب أحد في استحالة صدوره عنه تعالى . بل إنما خلقناهما وما بينهما لتكون مبدأ لوجود الإنسان وسبباً لمعاشه . ودليلاً يقوده إلى تحصيل معرفتنا التي هي الغاية القصوى ، بواسطة طاعتنا وعبادتنا . كما ينطق به قوله تعالى : { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } [ هود : 7 ] وقوله تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] وقوله تعالى : { لَوْ أَرَدْنَآ … } .