Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 62-63)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالُوۤاْ أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا يٰإِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا } يعني : الذي تركه لم يكسره . فإن ترددتم أنه فعلي أو فعله { فَاسْأَلُوهُمْ } أي : يجيبوكم { إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ } أي : والأظهر عجزهم الكليّ المانع من القول بإلهيتها . والقول فيه ، أن قصد إبراهيم صلوات الله عليه ، لم يكن إلى أن ينسب الفعل الصادر عنه إلى الصنم . وإنما قصد تقريره لنفسه وإثباته لها على أسلوب تعريضيّ يبلغ فيه غرضه عن إلزامهم الحجة ، وتبكيتهم . ولقائل أن يقول : عاظته تلك الأصنام حين أبصرها مصطفة مرتبة . وكان غيظ كبيرها أكبر وأشد ، لما رأى من زيادة تعظيمهم له . فأسند الفعل إليه لأنه هو الذي متسبب لاستهانته بها وحطمه لها والفعل كما يسند إلى مباشره ، يسند إلى الحامل عليه . فيكون تمثيلاً أراد به عليه السلام تنبيههم على غضب الله تعالى عليهم ، لإشراكهم بعبادته الأصنام . ويحكى أنه قال : فعله كبيرهم هذا ، غضب أن تعبد معه هذه الصغار وهو أكبر منها . فكأنه قيل : فعله ذلك الكبير على مقتضى مذهبكم ، والقضية ممكنة . وأظهر هذه الأوجه هو الأول . وعليه اقتصر الإمام ابن حزم في كتابه ( الفصل ) في الرد على من جوز على الأنبياء المعاصي ، وعبارته : وأما قوله عليه السلام : { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا } فإنما هو تقريع لهم وتوبيخ كما قال تعالى : { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [ الدخان : 49 ] وهو في الحقيقة مهان ذليل مهين معذب في النار . فكلا القولين توبيخ لمن قيلا له ، على ظنهم أن الأصنام تفعل الخير والشر . وعلى ظن المعذب في نفسه في الدنيا أنه عزيز كريم . ولم يقل إبراهيم هذا على أنه محقق لأن كبيرهم فعله . إذ الكذب ، إنما هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه ، قصداً إلى تحقيق ذلك . وجليٌّ أن مراده عليه السلام ، على كلّ ، إنما هو توجيههم نحو التأمل في أحوال أصنامهم كما ينبئ عنه قوله : { فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ } أي : إن كانوا ممن يمكن أن ينطقوا : قال أبو السعود : وإنما لم يقل عليه السلام : ( إن كانوا يسمعون أو يعقلون ) , مع أن السؤال موقوف على السمع والعقل أيضاً ، لما أن نتيجة السؤال هو الجواب ، وأنَّ عدم نطقهم أظهر ، وتبكيتهم بذلك أدخل . وقد حصل ذلك أولاً حسبما نطق به قوله تعالى : { فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ … } .