Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 83-84)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ * فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ } أي : أذكر أيوب وما أصابه من البلاء ودعاءه ربه في كشف ما نزل به ، واستجابته تعالى دعاءه وما امتن به عليه في رفع البلاء . وما ضاعف له بعد صبره من النعماء ، لتعلم أن النصر مع الصبر ، وأن عاقبة العسر اليسر . وأن لك الأسوة بمثل هذا النبيّ الصبور ، فيما ينزل أحياناً بك من ضرّ . وأن البلاء لم ينج منه الأنبياء . بل هم أشد الناس ابتلاء . كما في الحديث : " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل " . وإن من أسباب الفرج : دعاءه تعالى والابتهال إليه والتضرع له ، وذكره بأسمائه الحسنى وصفاته العليا . وإن البلاء لا يدل على الهوان والشقاء . فإن السعادة والشقاء في هذا العالم لا يترتبان على صالح الأعمال وسيئها . لأن الدنيا ليست دار جزاء . وإن عاقبة الصدق في الصبر ، هي توفية الأجر ومضاعفة البر . وقد روي أن أيوب عليه السلام ، لما امتحن بما فقد معه أرزاقه وهلك به جميع آل بيته ، وبما لبث يعاني من قروح جسده آلاماً ، وصبر وشكر ، رحمه مولاه فعادت له صحة بدنه وأوتي أضعاف ما فقده . ورزق عدة أولاد ، وعاش عمراً طويلاً أبصر أولاد أولاده إلى الجيل الرابع . ولذا قال تعالى : { وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ } أي : تذكرة لغيره من العابدين ليصبروا كما صبر ، حتى يثابوا كما أثيب في الدنيا والآخرة . وبالجملة فالسر هو تثبيت قلوب المؤمنين وحملهم على الصبر في المجاهدة في سبيل الحق . وقد روى المفسرون ههنا في بلاء أيوب روايات مختلفات ، بأسانيد واهيات ، لا يقام لها عند أئمة الأثر وزن . ولا تُعَارُ من الثقة أدنى نظر . نعم يوجد في التوراة سفر لأيوب فيه من شرح ضره ، بفقد كل مقتنياته ومواشيه وآل بيته ، وبنزول مرض شديد به ، عُدم معه الراحة ولذة الحياة ، غرائب . إلا أنها مما لا يوثق بها جميعها . لما داخلها من المزيج ، وتوسع بها في الدخيل ، حتى اختلط الحابل بالنابل . وإن كان يؤخذ من مجموعها بلاء فادح وضر مدهش . ولو علم الله خيراً في أكثر مما أجمله في تنزيله الحكيم ، لتفضل علينا بتفصيله ؛ ولذا يوقف عند إجماله فيما أجمل ، وتفصيله فيما فصّل . تنبيه قال بعضهم : أكثر المحققين على أن أيوب كان بعد زمن إبراهيم عليهما السلام . وأنه كان غنياً من أرباب العقار والماشية . وكان أميراً في قومه . وأن أملاكه ومنزله في أرض خصيبة رائعة التربة كثيرة المياه المتسلسلة في الجنوب الشرقي من البحر الميت . ومن جبل سعير بين بلاد أدوم وصحراء العربية . والله أعلم .