Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 48-48)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا } أي : أمهلتها { وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ } إلى حكمي مرجع الكل فأجزيهم بأعمالهم . فتأثُر هذه الآية ما قبلها صريح في بيان خطئهم في الاستعجال المذكور ، ببيان كمال سعة حلمه تعالى ، وإظهار غاية ضيق عطنهم ، المستتبع لكون المدة القصيرة عنه تعالى ، مُدداً طوالاً عندهم ، حسبما ينطق به قوله تعالى : { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً } [ المعارج : 6 - 7 ] ولذلك يرون مجيئه بعيداً ، ويتخذونه ذريعة إلى إنكاره ، ويجترئون على الاستعجال به ، ولا يدرون أن معيار تقدير الأمور كلها ، وقوعاً وإخباراً ، ما عنده تعالى من المقدار . أفاده ابن كثير وأبو السعود . وفي ( العناية ) : لما ذكر استعجالهم ، وبين أنه لا يتخلف ما استعجلوه ، وإنما أخر حلماً ، لأن اليوم ألف سنة عنده . فما استطالوه ليس بطويل بالنسبة إليه ، بل هو أقصر من يوم . فلا يقال : إن المناسب حينئذ أن ألف سنة كيوم ، والقلب لا وجه له . وقال الرازي : لما حكى تعالى من عظم ما هم عليه من التكذيب ، أنهم يستهزئون باستعجال العذاب ، بين أن العاقل لا ينبغي أن يستعجل عذاب الآخرة فقال { وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ } [ الحج : 47 ] يعني فيما ينالهم من العذاب وشدته ( كألف سنة ) لو عُدّ في كثرة الآلام وشدتها . فبين سبحانه أنهم لو عرفوا حال عذاب الآخرة ، وأنه بهذا الوصف لما استعجلوه . قال الرازي : وهذا قول أبي مسلم ، وهو أولى الوجوه . انتهى . وقد حكاه الزمخشري بقوله : وقيل معناه : كيف يستعجلون بعذاب مَنْ يومٌ واحد من أيام عذابه ، في طول ألف سنة من سنيكم . لأن أيام الشدائد مستطالة ، أي : تعد طويلة . كما قيل : @ تمتعْ بأيام السرورِ فَإِنَّهَا قِصَارٌ . وَأيامُ الهُمُومِ طِوَالُ @@ أو كان ذلك اليوم الواحد ، لشدة عذابه ، كألف سنة من سني العذاب . انتهى . واعتمد الوجه الأول أبو السعود . وناقش فيما بعده ، بأنه لا يساعده سياق النظم الجليل ولا سياقه . فإن كلا منهما ناطق بأن المراد هو العذاب الدنيوي . وأن الزمان الممتد هو الذي مر عليهم قبل حلوله بطريق الإملاء والإمهال . لا الزمان المقارن له . ألا يرى إلى قوله تعالى : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ } الخ ، فإنه صريح في أن المراد هو الأخذ العاجل الشديد ، بعد الإملاء المديد . انتهى . وفيه قوة . فالله أعلم .