Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 67-67)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا } أي : وضعنا { مَنسَكاً } أي : شريعة ومتعبداً { هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي ٱلأَمْرِ } أي : في ذلك الجعل والوضع والحوار في تنوعه في كل أمة ، وعدم وحدته . أو في أمر ما جئتهم به ، زعماً بأنه يستغني عنه بما شرع قبله . لأنه جهل بحكمته تعالى في تكوين الأمم وتربيتها بالشرائع المناسبة لزمنها ومكانها ، وحياتها ومنشئها . ولذلك كانت هذه الشريعة أهدى الشرائع للامتنان بها ، حينما بلغ الإنسان أعلى طور الرشد ولذلك وجبت الدعوة إليها خاصة كما قال سبحانه : { وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ } أي : اثبت على دينك ثباتاً لا يطمعون أن يخدعوك عنه . أو معناه : ثابر على الدعوة إلى ما أمرت به . فلا تضرك منازعتهم . وعلى الكل اتباعك وعدم مخالفتك ، لاستقرار الأمر على شرعتك . لأنها الطريق القويم . هذا ، وقال ابن جرير : أصل المنسك في كلام العرب ، الموضع المعتاد الذي يعتاده الرجل ويألفه ، لخير أو شر . يقال : ( إن لفلان منسكاً يعتاده ) يراد مكاناً يغشاه ويألفه لخير أو شر . وقد اختلف أهل التأويل في معنى ( النسك ) هنا ، فقيل : عيداً . وقيل : إراقة الدم ( ثم استظهر ) أن المعنى إراقة الدم أيام النحر بمنى . لأن المناسك التي كان المشركون جادلوا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانت إراقة الدم في هذه الأيام ، أي : فلا ينازعك هؤلاء المشركون في ذبحك ومنسكك بقولهم : ( أتأكلون ما قتلتم ، ولا تأكلون الميتة التي قتلها الله ؟ ) انتهى . وعليه ، فيكون المراد بالجعل في قوله تعالى : { جَعَلْنَا } الجعل القدريّ لا التشريعيّ . كما قال : { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا } [ البقرة : 148 ] أي : هؤلاء إنما يفعلون هذا عن قدر الله وإرادته . فلا تتأثر بمنازعتهم لك ، ولا يصرفك ذلك عما أنت عليه من الحق . وهذا كقوله تعالى : { وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ ٱللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ } [ القصص : 87 ] أشار له ابن كثير . ونقل الرازي عن ابن عباس ، في رواية عطاء ، أن المراد بالمنسك الشريعة المنهاج . قال : وهو اختيار القفال ، لقوله تعالى : { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } [ المائدة : 48 ] وهو الذي آثرناه أولاً لظهوره فيه . والله أعلم .