Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 77-77)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ } أي : صلوا . وعبر عن الصلاة بهما ، لأنهما أعظم أركانها . أو اخضعوا له تعالى ، وخروا له سجداً ، لا لغيره { وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ } أي : تحرّوه . كصلة الأرحام ومواساة الأيتام والحض على الإطعام والاتصاف بمكارم الأخلاق { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } أي : لكي تسعدوا وتفوزوا بالجنة . تنبيهات الأول : لم يختلف العلماء في السجدة الأولى من هذه السورة . واختلفوا في السجدة الثانية - هذه - فروي عن عمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وأبي الدرداء وأبي موسى ؛ أنهم قالوا : في الحج سجدتان . وبه قال ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق ، يدل عليه ما روي عن عقبة بن عامر قال : " قلت : يا رسول الله أفي الحج سجدتان ؟ قال : " نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما " أخرجه الترمذي وأبو داود . وعن عمر بن الخطاب أنه قرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين وقال : إن هذه السورة فضلت بسجدتين . أخرجه مالك في ( الموطأ ) وذهب قوم إلى أن الحج سجدة واحدة ، وهي الأولى ، وليست هذه بسجدة وهو قول الحسن وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وسفيان الثوري وأبي حنيفة ومالك . بدليل أنه قرن السجود بالركوع . فدل ذلك أنه سجدة صلاة ، لا سجدة تلاوة - كذا في ( لباب التأويل ) أي لأن المعهود في مثله من كل آية ، قرن الأمر بالسجود فيها بالركوع ، كونه أمراً بما هو ركن للصلاة ، بالاستقراء نحو { وَٱسْجُدِي وَٱرْكَعِي } [ آل عمران : 43 ] وإذا جاء الاحتمال سقط الاستدلال . وما روي من الحديث المذكور ، قال الترمذي رحمه الله : إسناده ليس بالقوي . وكذا قال غيره . كما في ( شرح الهداية ) لابن الهمام . قال الخفاجي : لكن يرد عليه ما في ( الكشف ) أن الحق أن السجود حيث ثبت ، ليس من مقتضى خصوص في تلك الآية لأن دلالة الآية غير مقيدة بحال التلاوة البتة . بل إنما ذلك بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قوله . فلا مانع من كون الآية دالة على فرضية سجود الصلاة . ومع ذلك يشرع السجود عند تلاوتها ، لما ثبت من الرواية فيه . أهـ . الثاني : قال في ( اللباب ) اختلف العلماء في عدّة سجود التلاوة : فذهب الشافعي وأحمد وأكثر أهل العلم إلى أنها أربع عشرة سجدة . لكن الشافعي قال : في الحج سجدتان . وأسقط سجدة ( ص ) . وقال أبو حنيفة : في الحج سجدة . وأثبت سجدة ( ص ) . وبه قال أحمد ، في إحدى الروايتين عنه . فعنده أن السجدات خمس عشرة سجدة . وذهب قوم إلى أن المفصل ليس فيه سجود . يروى ذلك عن أبي بن كعب وابن عباس . وبه قال مالك . فعلى هذا يكون سجود القرآن إحدى عشرة سجدة . يدل عليه ما روي عن أبي الدرداء ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " في القرآن إحدى عشرة سجدة " أخرجه أبو داود وقال : إسناده واه . ودليل من قال : ( في القرآن خمس عشرة سجدة ) ما روي عن عمرو بن العاص قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن خمس عشرة سجدة . منها ثلاث في المفصل . وفي سورة الحج سجدتان . أخرجه أبو داود . وصح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ( اقرأ ) و : ( إذا السماء انشقت ) أخرجه مسلم . انتهى . والخمس عشرة : في الأعراف ، والرعد ، والنحل ، والإسراء ، ومريم ، والحج ، والفرقان ، والنمل ، والم تنزيل ، وص ، وحم ، والسجدة ، والنجم , والانشقاق ، واقرأ . والمفصل من سورة الحجرات إلى آخر القرآن ، في أصح الأقوال . سمي مفصلاً لكثرة الفصل بين سوره . الثالث : سجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع . وبه قال مالك والشافعي وأحمد . لقول ابن عمر : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة ، فيسجد ونسجد معه ، حتى ما يجد أحدنا موضعاً لجبهته . رواه الشيخان . وقال عمر : إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء . رواه البخاري . وقوله تعالى : { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ … } .