Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 71-74)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ } أي : ولو كان ما كرهوه من الحق الذي هو التوحيد والعدل المبعوث بهما الرسول صلوات الله عليه ، موافق لأهوائهم المتفرقة في الباطل ، الناشئة من نفوسهم الظالمة المظلمة ، لفسد نظام الكون لانعدام العدل الذي قامت به السماوات والأرض ، والتوحيد الذي به قوامهما . فلزم فساد الكون لأن مناط النظام ليس إلا ذلك ، وفيه من تنويه شأن الحق ، والتنبيه على سموّ مكانه ، ما لا يخفى { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ } إضراب عن توبيخهم بكراهته ، وانتقال إلى لومهم بالنفور عما ترغب فيه كل نفس من خيرها . أي : ليس هو مكروهاً بل هو عظة لهم لو اتعظوا . أو فخرهم أو متمناهم لأنهم كانوا يقولون : { لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ * لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } [ الصافات : 168 - 169 ] { فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ } أي : بالنكوص عنه . وأعاد الذكر تفخيماً . وأضافه لهم لسبقه . وفي سورة الأنبياء : { ذِكْرِ رَبِّهِمْ } [ الأنبياء : 42 ] لاقتضاء ما قبله له { أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً } أي : جعلا على أداء الرسالة ، فلأجل ذلك لا يؤمنون { فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ } أي : عطاؤه { وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ * وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ } أي : منحرفون . قال القاشاني : الصراط المستقيم الذي يدعوهم إليه ، هو طريق التوحيد المستلزم لحصول العدالة في النفس ، ووجود المحبة في القلب . وشهود الوحدة . والذين يحتجبون عن عالم النور بالظلمات ، وعن القدس بالرجس ، إنما هم منهمكون في الظلم والبغضاء والعداوة ، والركون إلى الكثرة . فلا جرم أنهم عن الصراط ناكبون منحرفون إلى ضده . فهو في واد وهم في واد . وقال الزمخشري : قد ألزمهم الحجة في هذه الآيات ، وقطع معاذيرهم وعللهم ، بأن الذي أرسل إليهم رجل معروف أمره وحاله ، مخبور سره وعلنه ، خليق بأن يجتبي مثله للرسالة من بين ظهرانيهم ، وأنه لم يعرض له حتى يدعي بمثل هذه الدعوى العظيمة بباطل ، ولم يجعل ذلك سلماً إلى النيل من دنياهم ، واستعطاء أموالهم ، ولم يدعهم إلا إلى دين الإسلام ، الذي هو الصراط المستقيم مع إبراز المكنون من أدوائهم ، وهو إخلالهم بالتدبر والتأمل ، واستهتارهم بدين الآباء الضلال من غير برهان ، وتعللهم بأنه مجنون ، بعد ظهور الحق ، وثبات التصديق من الله بالمعجزات والآيات النيرة ، وكراهتهم للحق وإعراضهم عما فيه حظهم من الذكر . وقوله تعالى : { وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ … } .