Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 95-100)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ } أي : من العذاب { لَقَادِرُونَ } أي : وإنما نؤخره لحكمة بلوغ الكتاب أجله { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي : بالخلة التي هي أحسن الخلال ، وهو العفو والصفح { ٱلسَّيِّئَةَ } يعنى أذى المشركين { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } أي فسيرون جزاءه { وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ } أي : وساوسهم المغرية على الباطل والشرور والفساد ، والصد عن الحق { وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ } أي : يحضروني في حال من الأحوال { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ * لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ } أي : حتى إذا احتضر وشاهد أمارات العذاب ، وعاين وحشة هيئات السيئات ، تمنى الرجوع ، وأظهر الندامة ، ونذر العمل الصالح في الإيمان الذي ترك . وقوله تعالى : { كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ } يعني قوله : { رَبِّ ٱرْجِعُونِ … } الخ { هُوَ قَآئِلُهَا } أي : لا يجاب إليها ولا تسمع منه ، يعني أنه لم يحصل إلا على الحسرة والندامة ، والتلفظ بألفاظ التحسر والندم ، والدعوة دون المنفعة والفائدة والإجابة . والآية نظيرها قوله تعالى : { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } [ المنافقون : 10 ] { وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } أي : حائل يحول بينهم وبين الرجعة ، يلبثون فيه إلى يوم القيامة . لطيفة الواو في { ٱرْجِعُونِ } قيل لتعظيم المخاطب وهو الله تعالى ، وردَّه ابن مالك بأنه لا يعرف أحداً يقول : ( رب ارحموني ، ونحوه ) لما فيه من إيهام التعدد . مدفوع بأنه لا يلزم من عدم صدوره عنا كذلك ، ألا يطلقه الله تعالى على نفسه ، كما في ضمير المتكلم . وقيل إنه لتكرير قوله : ( ارجعني ) كما قيل في ( قفا ) و ( أطرقا ) إن أصله ( قف قف ) على التأكيد ، وبه فسر قوله تعالى : { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ } [ ق : 24 ] قال الشهاب : فيكون من باب استعارة لفظ مكان آخر لنكتة ، بقطع النظر عن معناه ، وهو كثير في الضمائر . كاستعمال الضمير المجرور الظاهر مكان المرفوع المستتر في ( كفى به ) حتى لزم انتقاله عن صفة إلى صفة أخرى ، ومن لفظ إلى آخر . وما نحن فيه من هذا القبيل . فإنه غيِّر الضميران المستتران إلى ضمير مثنى ظاهر . فلزم الاكتفاء بأحد لفظي الفعل ، وجعل دلالة الضمير على المثنى على تكرير الفعل ، قائماً مقامه في التأكيد ، من غير تجوز فيه ولابن جني في ( الخصائص ) كلام يدل على ما ذكرناه . انتهى .