Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 59-59)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ } أي الذين رخص لهم في ترك الاستئذان في غير الأوقات المذكورة { مِنكُمُ } أي : من الأحرار ، دون المماليك ، فإنهم باقون على الرخصة { ٱلْحُلُمَ } أي : حد البلوغ بالاحتلام ، وبالسن الذي هو مظنة الاحتلام { فَلْيَسْتَأْذِنُواْ } أي : في سائر الأوقات أيضاً { كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي : الذين بلغوا الحلم من قبلهم ، وهم الرجال أو الذين ذكروا من قبلهم في قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ } [ النور : 27 ] . والمعنى أن الأطفال مأذون لهم في الدخول بغير إذن ، إلا في العورات الثلاثة . فإذا اعتاد الأطفال ذلك ، ثم خرجوا عن حد الطفولة ، بأن يحتلموا أو يبلغوا السن التي يحكم فيها عليهم بالبلوغ ، وجب أن يفطموا عن تلك العادة ، ويحملوا على أن يستأذنوا في جميع الأوقات ، كما يستأذن الرجال الكبار الذين لم يعتادوا الدخول عليكم إلا بإذن . وهذا مما الناس منه في غفلة . وهو عندهم كالشريعة المنسوخة . وعن ابن عباس : آيةٌ لا يؤمن بها أكثر الناس : آية الإذن . وإني لآمر جارتي أن تستأذن عليّ . وسأله عطاء : أستأذنُ على أختي ؟ قال : نعم ، وإن كانت في حجرك تمونها . وتلا هذه الآية . وعنه : ثلاث آيات جحدهن الناس : الإذن كله . وقوله : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ } [ الحجرات : 13 ] فقال ناس : أعظمكم بيتاً . وقوله : { وَإِذَا حَضَرَ ٱلْقِسْمَةَ } [ النساء : 8 ] . كذا في ( الكشاف ) . تنبيه قال في ( الإكليل ) : في الآية أن التكليف إنما يكون بالبلوغ . وأن البلوغ يكون بالاحتلام . وأن الأولاد البالغين لا يدخلون على والديهم إلا بالاستئذان ، كالأجانب . انتهى . وقال التقي السبكي في ( إبراز الحكم في شرح حديث رفع القلم ) : أجمع العلماء على أن الاحتلام يحصل به البلوغ في حق الرجل . ويدل لذلك قوله تعالى : { وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ } [ النور : 59 ] وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : " وعن الصبي حتى يحتلم " وهي رواية ابن أبي السرح عن ابن عباس . قال : والآية أصرح . فإنها ناطقة بالأمر بعد الحلم . وورد أيضاً عن علي رضي الله عنه ، رفعه : " لا يُتم بعد احتلام ، ولا صمات يوم إلى الليل " رواه أبو داود . والمراد بالاحتلام خروج المني . سواء كان في اليقظة أم في المنام ، بحلم أو غير حلم . ولما كان في الغالب لا يحصل إلا في النوم بحلم ، أطلق عليه الحلم والاحتلام ، ولو وجد الاحتلام من غير خروج مني ، فلا حلم له . ثم قال : وقوله في الحديث : " حتى يحتلم " دليل البلوغ بذلك . وهو إجماع . وهو حقيقة في خروج المني بالاحتلام ، ومجاز في خروجه بغير احتلام يقظة أو مناماً . أو منقول فيما هو أعم من ذلك . ويخرج منه الاحتلام بغير خروج مني ، إن أطلقناه عليه منقولاً عنه . ولكونه فرداً من أفراد الاحتلام . انتهى . وفي ( القاموس ) : الْحلُم ( بالضم ) والاحتلام : الجماع في النوم . والاسم الحلم كعنق . انتهى . وقال الراغب : سمي البلوغ حلماً ، لكون صاحبه جديراً بالحِلم : أي : الأناة والعقل .