Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 30-30)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالَ ٱلرَّسُولُ } أي : إثر ما شاهد من عتوهم وعنادهم { يٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِي ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ مَهْجُوراً } أي : متروكا ، معرضاً عنه . وجملة { وَقَالَ ٱلرَّسُولُ } عطف على { وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ } [ الفرقان : 21 ] وما بينهما اعتراض ، سيقت لانتظام ما قالوه وطلب النصر عليهم واستنزال الفرج الإلهي مما أضاقوا به الصدور ، وجلبوه من الكدور ، وللإشارة إلى ما يحيق بهم من شقاء الدارين . تنبيه الآية ، وإن كانت في المشركين ، وإعراضهم هو عدم إيمانهم ، إلا أن نظمها الكريم مما يرهب عموم المعرضين عن العمل به ، والأخذ بآدابه . الذي هو حقيقة الهجر . لأن الناس إنما تعبدوا منه بذلك . إذ لا تؤثر تلاوته إلا لمن تدبرها . ولا يتدبرها إلا من يقوم بها ويتمسك بأحكامها . ومن ( فوائد ) الإمام ابن القيم رحمه الله قوله في هذه الآية : هجر القرآن أنواع : أحدها : هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه . والثاني : هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه ، وإن قرأه وآمن به . والثالث : هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه ، واعتقاد أنه لا يفيد اليقين ، وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم . والرابع : هجر تدبره وتفهمه ، ومعرفة ما أراد المتكلم به منه . والخامس : هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها . فيطلب شفاء دائه من غيره ، ويهجر التداوي به . قال : وكل هذا داخل في هذه الآية ، وإن كان بعض الهجر أهون من بعض . انتهى . وفي ( الإكليل ) : إن في الآية إشارة إلى التحذير من هجر المصحف وعدم تعاهده بالقراءة فيه . وكذا قال أبو السعود : فيه تلويح بأن من حق المؤمن أن يكون كثير التعاهد للقرآن ، كيلا يندرج تحت ظاهر النظم الكريم . ثم قال : وفيه من التحذير ما لا يخفى . فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، إذا شكوا إلى الله تعالى قومهم ، عجل لهم العذاب ولم يُنظروا . ثم ذكر تعالى ما يكون أسوة لنبيه ، وتسلية له ، ووعداً بالنصرة ، بقوله : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا … } .