Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 72-73)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ } أي : لا يحضرون الباطل . يقال : ( شهد كذا ) أي : حضره . فـ ( الزور ) مفعول به بتقدير مضاف أي : محاله . و ( يشهدون ) من الشهادة . فالزور منصوب على المصدر أو بنزع الخافض أي : شهادة الزور أو بالزور . وقد أشار الزمخشري للوجهين بقوله : يحتمل أنهم ينفرون عن محاضر الكذابين ومجالس الخطائين ، فلا يحضرونها ولا يقربونها ، تنزهاً عن مخالطة الشر وأهله وصيانة لدينهم عما يثلمه . لأن مشاهدة الباطل شركة فيه . ولذلك قيل في النظارة إلى كل ما لم تسوغه الشريعة ( هم شركاء فاعلية في الإثم ) لأن حضورهم ونظرهم دليل الرضا به ، وسبب وجوده ، والزيادة فيه لأن الذي سلط على فعله هو استحسان النظارة ، ورغبتهم في النظر إليه . ويحتمل أنهم لا يشهدون شهادة الزور . انتهى وهي الكذب متعمداً على غيره . قال المبرد في ( الكامل ) : ويروى عن ابن عباس في هذه الآية { وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ } قال : أعياد المشركين . وقال ابن مسعود : الزور الغناء . فقيل لابن عباس : أو ما هذا في الشهادة بالزور ؟ فقال : لا ، إنما آية شهادة الزور { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } [ الإسراء : 36 ] { وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً } أي : اتفق مرورهم بأهل اللغو ، وهو كل ما ينبغي ويطرح ، مرّوا معرضين عنهم ، مكرمين أنفسهم عن الخوض معهم كقوله تعالى : { وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي ٱلْجَاهِلِينَ } [ القصص : 55 ] ويدخل في ذلك الإغضاء عن الفواحش ، والصفح عن الذنوب ، والكناية عما يستهجن التصريح به وذلك لأن ( كراماً ) جمع كريم بمعنى مكرم لنفسه وغيره بالصفح ونحوه { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِآيَاتِ } أي : وعظوا بها وخوفوا { رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } أي : بل أكبوا عليها سامعين بآذان واعية ، مجتلين لها بعيون راعية . وإنما عبر بنفي الضد ، تعريضاً لما يفعله الكفرة والمنافقون من شدة الإعراض والإباء والنفرة ، المستعار لها ( الخرور ) على تلك الحالة استعارة بديعة . لما فيهم من إسقاطهم من الإنسانية إلى البهيمية ، بل إلى أدنى منها ، لأنها تسمع وتبصر ، وقد نفينا عنهم . وفي التنزيل الكريم من توصيف المؤمنين بوجل قلوبهم لذكره تعالى ، وزيادة إيمانهم إذا تلى عليهم الذكر الحكيم ، آيات عديدة . ولذا قال قتادة فيهم : هم قوم عقلوا عن الله ، وانتفعوا بما سمعوا من كتابه ويرحم الله الحسن البصري ، فقد قال : كم من رجل يقرؤها ، ويخر عليها أصم أعمى .