Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 154-166)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ * قَالَ هَـٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ } أي : نصيب من الماء { وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } أي : فاقتنعوا بشربكم ولا تزاحموها على شربها { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ } أي : لعظم ما تسيئون . قال الزمخشري : عظم اليوم لحلول العذاب فيه ، ووصف اليوم به أبلغ من وصف العذاب . لأن الوقت إذا عظم بسببه ، كان موقعه من العظم أشد { فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ } أي : الموعود ، وهو أن أرضهم زلزلت زلزلاً شديداً ، وجاءتهم صيحة عظيمة { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ * كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * أَتَأْتُونَ ٱلذُّكْرَانَ مِنَ ٱلْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } أي : مجاوزون حدّ الحكمة في ترك محل الحرث ، الحافظ للنسل ، الذي به حفظ النوع البشريّ ، وإيثار ما لم يخلق لذلك ، شَرَها في الشهوة الحيوانية ، ومكافحة لتغيير الأوضاع الربانية . ونقل السيوطيّ في ( الإكليل ) عن محمد بن كعب القرظيّ ، أن معنى الآية : تذرون مثله من المباح . فاستدل بذلك على إباحة وطء الزوجة من دبرها . انتهى . وخالفه غيره ؛ فاستدل بها على حظره . وبيانه كما في ( الكشاف ) و ( حواشيه ) أنّ { مِّنْ } إِمَّا تبيين لما خلق ، أو للتبعيض . ويراد به العضو المباح منهن ، تعريضاً بأنهم كانوا يفعلون ذلك بنسائهم . ومن الوجه الثاني يستدل على حظر إتيان المرأة في غير المأتى . وتقريره في ( الانتصاف ) : أن { مِّنْ } لو كانت بياناً لكان المعنى حينئذ على ذمهم بترك الأزواج . ولا شك أن ترك الأزواج مضموم إلى إتيان الذكران . وحينئذ يكون المنكر عليهم الجمع بين ترك الأزواج وإتيان الذكران ؛ لا أن ترك الأزواج وحده منكر . ولا كان الأمر كذلك ، لكان النصب في الثاني متوجهاً على الجمع . وكان إما الأفصح أو المتعين . وقد اجتمعت العامة - عامة القراء - على القراءة به مرفوعاً ولا يتفقون على ترك الأفصح إلى ما لا مدخل له في الفصاحة ، أو في الجواز أصلاً . فلما وضح ذلك تبين أن هذا المعنى غير مراد . فتعين حمل { مِّنْ } على البعضية . فيكون المنكر عليهم أمرين . كل واحد منهما مستقل بالإنكار : أحدهما : إتيان الذكران . والثاني : مجانبة إتيان النساء في المأتى ، رغبة في إتيانهن في غيره . وحينئذ يتوجه الرفع لفوات الجمع اللازم على الوجه الأول ، واستقلال كل واحد من هاتين العظيمتين بالنكير . انتهى . ومثله من دقيق الاستنباط الذي يوسع المدارك ويفتح للتفهم أبواباً ، وإن أمكن أن يقال : إن سياق الآية في الملام لهم ، أعمّ مما ذكره ومن غيره . والله أعلم .