Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 17-25)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ } أي : جمع له عساكره { مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْس وَٱلطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } أي : يحبس أولهم على أخرهم ليتلاحقوا { حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ } أي رأتهم متوجهين إلى واديها { يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أي : بمكانهم { فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا } أي : تعجباً من حذرها واهتدائها إلى تدبير مصالحها ومصالح بني نوعها . وسروراً بشهرة حاله وحال جنوده في باب التقوى والشفقة ، فيما بين أصناف المخلوقات ، التي هي أبعدها من إدراك أمثال هذه الأمور ، وابتهاجاً بما خصه الله تعالى به من إدراك همسها وفهم مرادها . قاله أبو السعود . { وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ } أي : ألهمني شكرها : { وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ * وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ * لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَاْذبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } أي : بحجة تبين عذره . { فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ } أي : فلبث في الغيبة أمداً غير طويل { فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ } وهي مدينة { بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } أي : سرير تجلس عليه ، هائل مزخرف بأنواع الجواهر { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ * أَلاَّ يَسْجُدُواْ } أي : هلا يسجدوا . كما قرئ بذلك . وجوّز بعضهم أن يكون معمولا لما قبله . أي : فصدهم عن السبيل لئلا يسجدوا ، فحذف الجار مع ( أن ) أو أن تكون ( لا ) مزيدة ، والمعنى : فهم لا يهتدون إلى أن يسجدوا { للَّهِ ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي : يظهر ما هو مخبوء فيهما من نبات ومعادن وغيرهما { وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } قرئ بالتاء والياء على صيغة الغيبة . والجملة التحضيضية إما مستأنفة من كلامه تعالى ، أو محكيّة عن قول الهدهد . واستظهر الزمخشري الثاني . قال : لأن في إخراج الخبء أمارة على أنه من كلام الهدهد ، لهندسته ومعرفته الماء تحت الأرض . وذلك بإلهام من يخرج الخبء في السماوات والأرض ، جلت قدرته ولطف علمه . ولا يكاد يخفى على ذي الفراسة النّظار بنور الله ، مخايل كل مختص بصناعة أو فن أو من العلم ، في روائه ومنطقه وشمائله .