Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 41-42)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرْشَهَا } أي : اجعلوه متنكراً متغيراً عن هيئته وشكله كما يتنكر الرجل للناس { نَنظُرْ أَتَهْتَدِيۤ أَمْ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ } أي : لمعرفته { فَلَمَّا جَآءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } قال المهايميّ : لم تقل : ( هو هو ) خوفاً من التكذيب ، مع نوع من التغيير . ولا ( لا ) خوفاً من التجهيل . وقال الزمخشري : لم تقل : ( هو هو ) ولا ( ليس به ) وذلك من رجاحة عقلها . حيث لم تقطع في المحتم . أي : فَأتت بـ ( كأن ) الدالة على غلبة الظن . قال الشهاب : وهذا إشارة إلى أن ( كأن ) ليس المراد بها هنا التشبيه بل الشك ، وهو مشهور فيها . وقد أبدى صاحب ( الانتصاف ) فرقا بين ( كأن ) و ( هكذا ) في التشبيه . وعبارته : وفي قولها ( كأنه هو ) وعدولها عن مطابقة الجواب للسؤال بأن تقول : ( هكذا هو ) - نكتة حسنة . ولعل قائلا يقول : كلتا العبارتين تشبيه . إذ كان التشبيه فيهما جميعا ، وإن كانت في إحداهما داخلة على اسم الإشارة ، وفي الأخرى داخلة على المضمر ، وكلاهما ( أعني اسم الإشارة والمضمر ) واقع على الذات المشبهة . وحينئذ تستوي العبارتان في المعنى . ويفضل قولها ( هكذا هو ) بمطابقته للسؤال . فلا بد في اختيار { كَأَنَّهُ هُوَ } من حكمة . فنقول : حكمته ، والله أعلم ، أن { كَأَنَّهُ هُوَ } عبارة من قرب عنده الشبه حتى شكك نفسه في التغاير بين الأمرين . فكاد يقول : ( هو هو ) وتلك حال بلقيس . وأما _ ( هكذا هو ) فعبارة جازم بتغاير الأمرين ، حاكم بوقوع الشبه بينهما لا غير . فلهذا عدلت إلى العبارة المذكورة في التلاوة ، لمطابقتها لحالها ، والله أعلم . انتهى . وقوله تعالى : { وَأُوتِينَا ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } هذا من تمام كلام سليمان عليه السلام ، شكراً لله على فضلهم عليها ، وسبقهم إلى العلم بالله وبالإسلام . أي : وأوتينا نحن العلم بالله وبقدرته ، وبصحة ما جاء من عنده ، قبل علمها الذي أومأ إليه قوله : { كَأَنَّهُ هُوَ } والجملة عطف على مقدر اقتضاه المقام المقتضي ، للإفاضة في وصفها برجاحة الرأي في الهداية للإسلام . والتقدير : أصابت في جوابها وقد رزقت الإسلام ، وعلمت قدرة الله . وأوتينا العلم … الخ . وقيل : إنه من كلام بلقيس ، موصولا بقولها { كَأَنَّهُ هُوَ } ، لا من كلام سليمان . كأنها ظنت أنه أراد بذلك اختبار عقلها وإظهار معجزة لها ، فقالت : أوتينا العلم الخ . أي لا حاجة إلى الاختبار لأني آمنت قبل . وهذا يدل على كمال عقلها . أو المعنى : علمنا إتيانك بالعرش قبل الرؤية ، أو هذه الحالة بالقرائن أو الأخبار . قال ابن كثير : ويؤيد الأول ، أي أنه من كلام سليمان ، أنها إنما أظهرت الإسلام بعد دخولها إلى الصرح ، كما سيأتي . والله أعلم .