Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 66-66)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بَلِ ٱدَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ } قال السمين : فيه وجهان : أحدهما : أن { فِي } على بابها ، و { ٱدَّارَكَ } وإن كان ماضيا لفظا ، فهو مستقبل معنى . لأنه كائن قطعا . كقوله : { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } [ النحل : 1 ] . وعلى هذا فـ { فِي } متعلق بـ { ٱدَّارَكَ } . والثاني : أن ( في ) بمعنى الباء . أي : بالآخرة . وعلى هذا فيتعلق بنفس علمهم . كقولك ( علمي بزيد كذا ) انتهى . والوجه الثاني : على الاستفهام . أي : بل هل ادّارك علمهم فيها ، أي : بلغ وانتهى ؟ كلا . وقد قرئ : ( بل أءدرك ) بهمزتين و ( بل آءدرك ) بألف بينهما و ( أم أدرك ) و ( أم تدارك ) . قال الرازيّ : وهي ( أم ) التي بمعنى ( بل ) والهمزة . فالمعنى على الاستفهام على وجه الإنكار لإدراك علمهم بها ، وأنهم لم يبرحوا في حضيض الجهالة بحقيتها ، مع ما يتلى عليهم من أدلة ثبوتها . وقد جنح إلى الكلام على تقدير الاستفهام ، السيوطيّ والمهايميّ . وذهب غيرهما إلى إبقاء ( بل ) على أصلها من الإضراب الانتقاليّ . وقرروه بما فيه خفاء ودقة ويبعده ما ذكرنا من القراءات الصريحة في الاستفهام . وهي مما يرجع إليها إذا اشتبه المقام . كما تقرر في قواعد التفسير { بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا } أي : مرية ، مع تقرير ما يزيله ويكشف غشاوته { بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ } أي : في عماية وجهل كبير . قال الزمخشري : فإن قلت : هذه الاضطرابات الثلاثة ما معناها ؟ قلت : ما هي إلا تنزيل لأحوالهم : وَصَفَهم أولاً بأنهم لا يشعرون وقت البعث . ثم بأنهم لا يعلمون أن القيامة كائنة . ثم بأنهم يخبطون في شك ومرية ، فلا يزيلونه . والإزالة مستطاعة . ألا ترى أن من لم يسمع اختلاف المذاهب وتضليل أربابها بعضهم لبعض ، كان أمره أهون ممن سمع بها وهو جاثم ، لا يشخص به طلب التمييز بين الحق والباطل ؟ ثم بما هو أسوأ حالا ، وهو العمى وأن يكون مثل البهيمة قد عكف همه على بطنه ، وفرجه ، لا يُخْطِر بباله حقا ولا باطلا ولا يفكر في عاقبة . وقد جعل الآخرة مبدأ عماهم ومنشأه . فلذلك عداه بـ ( من ) دون ( عن ) لأن الكفر بالعاقبة والجزاء ، هو الذي جعلهم كالبهائم لا يتدبرون ولا يتبصرون . انتهى .