Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 1-3)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الۤـمۤ * أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ أَن يَقُولُوۤاْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } أي : أحسب الذين أجروا كلمة الشهادة على ألسنتهم ، وأظهروا القول بالإيمان ، أنهم يتركون بذلك غير ممتحنين ، بل يمحنهم الله بضروب المحن ، حتى يبلو صبرهم وثبات أقدامهم وصحة عقائدهم . لتمييز المخلص من غير المخلص . كما قال : { لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [ آل عمران : 186 ] وكقوله : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ } [ آل عمران : 142 ] وقوله تعالى : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } [ البقرة : 214 ] . وكل هذه الآيات وأمثالها مما نزل بمكة في تثبيت قلوب المؤمنين ، وتصبيرهم على ما كان ينالهم من أذى المشركين . { وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي : من أتباع الأنبياء عليهم السلام ، بضروب من الفتن من أعدائهم ، كما دوّن التاريخ اضطهادهم . أي : فصبروا وما وهنوا لما أصابهم حتى علت كلمة الله { فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ } أي : في قولهم : { آمَنَّا } { وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَاذِبِينَ } أي فيه : وذلك بالامتحان . فإن قيل : يتوهم من صيغة الفعل أن علمه حدث ، مع أنه قديم . إذ علمه بالشيء قبل وجوده وبعده ، لا يتغير . يجاب : بأن الحادث هو تعلق علمه بالمعلوم بعد حدوثه . وقال الناصر : فائدة ذكر العلم هاهنا ، وإن كان سابقاً على وجود المعلوم هو التنبيه بالسبب على المسبب . وهو الجزاء كأنه قال تعالى : ( ليعلمنهم فليجازينهم بحسب علمه فيهم ) . وقال المهايميّ : { فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ } أي : يظهر علمه عند خلقه بصدق إيمان { ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ } فيه ، بدلالة ثباتهم عليه عند المصائب { وَلَيَعْلَمَنَّ } أي : وليظهر علمه بكذب دعوى { ٱلْكَاذِبِينَ } لئلا يشهدوا عنده بإيمان الكاذبين ، فينسب في تعذيبهم إلى الظلم . وليثق المؤمنون الصادقين ، ويستظهروا بها ، ويحذروا عن مكر الكاذبين . انتهى .