Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 113-113)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لَيْسُواْ سَوَآءً } جملة مستأنفة سيقت تمهيداً للثناء على من أقبل على الحق من أهل الكتاب وخلع الباطل ولم يراع سلفاً ولا خلفاً ، وتذكيراً لقوله تعالى : { مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ آل عمران : 110 ] أي : ليس أهل الكتاب متساوين ومتشاركين في المساوئ ، ثم استأنف قوله بياناً لعدم استوائهم : { مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ آنَآءَ ٱللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } . في قوله تعالى : { قَآئِمَةٌ } وجوه : الأول : أنها قائمة في الصلاة ، وعبّر عن تهجدهم بتلاوة القرآن في ساعات الليل كقوله تعالى : { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } [ الفرقان : 64 ] . وقوله : { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيْلِ } [ المزمل : 20 ] . وقوله : { قُمِ ٱلَّيلَ } [ المزمل : 2 ] . وقوله : { وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ } [ البقرة : 238 ] . والثاني : أنها ثابتة على التمسك بالدين الحق ، ملازمة له ، غير مضطربة في التمسك به ، كقوله : { إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً } [ آل عمران : 75 ] أي : ملازماً للاقتضاء ثابتا على المطالبة . ومنه قوله تعالى : { قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ } [ آل عمران : 18 ] . الثالث : أنها مستقيمة عادلة من قولك : أقمت العود فقام ، بمعنى استقام . والآناء الأوقات ، واحدها ( إنا ) مثل معي وأمعاء وإنْي مثل نِحْي وأنحاء وقوله تعالى : { وَهُمْ يَسْجُدُونَ } جملة مستقلة مستأنفة ، ولست حالاً من فاعل { يَتْلُونَ } لما صح في السنة من النهي عن التلاوة في السجود ، وذلك فيما رواه الإمام أحمد ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إلا إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً ، فأما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم " فمعنى الآية أنهم يقومون تارة ويسجدون أخرى ، يبتغون الفضل والرحمة كقوله تعالى : { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } [ الفرقان : 64 ] . وقوله : { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ } [ الزمر : 9 ] . ويحتمل أن يكون المعنى : وهم يصلون ، والصلاة تسمى سجوداً وسجدة كما تسمى ركوعا وركعة وتسبيحاً وتسبيحة . وعليه فالجملة يجوز فيها الوجهان ، وتكرير الإسناد لتقوية الحكم وتأكيده . ثم وصفهم تعالى بصفات أخر ، مبينة لمباينتهم اليهود من جهة أخرى ، بقوله : { يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ … } .