Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 115-115)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ } أي : لن يعدموا ثوابه . وإيثار صيغة المجهول للجري على سنن الكبرياء . وقرئ الفعلان بالخطاب : { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } فيوفيهم أجورهم . وهؤلاء الموصوفون هم المذكورون في آخر السورة : { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَٰشِعِينَ للَّهِ … } [ آل عمران : 199 ] الآية . تنبيه قال البقاعيّ : أرشد السياق إلى أن التقدير : وأكثرهم ليسوا بهذه الصفات . وقال الرازي : لما قال تعالى : { مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ } [ آل عمران : 113 ] . كان تمام الكلام أن يقال : ومنهم أمة مذمومة . إلا أنه أضمر ذكر الأمة المذمومة على مذهب العرب من أن ذكر أحد الضدين يغني عن ذكر الضد الآخر . وتحقيقه : أن الضدين يُعلمان معاً . فذكر أحدهما يستقل بإفادة العلم بهما ، فلا جرم يحسن إهمال الضد الآخر ، قال أبو ذؤيب : @ دعاني إليها القلب إني لأمره مطيع فما أدرى أرشد طِلابها @@ أراد أم غيّ ، فاكتفى بذكر الرشد عن الغيّ ، وهذا قول الفراء وابن الأنباريّ . وقال الزجاج : لا حاجة إلى إضمار الأمة المذمومة لأن ذكرها قد جرى قبل ، ولأنا قد ذكرنا أن العلم بالضدين معاً ، فذكرُ أحدهما مغن عن ذكر الآخر ، كما يقال زيد وعمرو لا يستويان ، زيد عاقل ديّن ذكي ، فيغني هذا عن أن يقال : وعمرو ليس كذلك . فكذا ههنا . لما تقدم قوله : { لَيْسُواْ سَوَآءً } [ آل عمران : 113 ] . أغنى عن ذلك الإضمار - انتهى ملخصاً - أقول : لا مانع من كون الآية الآتية هي الشق الثاني المقابل للأول . فإن عنوان الذين كفروا مقابل بمفهومه لما قبله كما لا يخفى - والله أعلم .