Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 165-165)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَوَلَمَّآ أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا } الهمزة للتقريع والتقرير ، والواو عاطفة للجملة على ما سبق من قصة أُحُد ، أو على محذوف مثل : أفعلتم كذا وقلتم . و { لَمَّآ } ظرفه المضاف إلى أصابتكم ، أي : حين أصابتكم مصيبة ، وهي قتل سبعين منكم يوم أُحُد ، والحال أنكم نلتم ضعفها يوم بدر من قتل سبعين منهم وأسر سبعين : من أين هذا أصابنا وقد وعدنا الله النصر { قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } أي : مما اقترفته أنفسكم من مخالفة الأمر بترك المركز ، فإن الوعد كان مشروطاً بالثبات والمطاوعة . قال ابن القيم : وذكر سبحانه هذا بعينه فيما هو أعم من ذلك في السورة المكية فقال : { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } [ الشورى : 30 ] . وقال : { مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ } [ النساء : 79 ] فالحسنة والسيئة ههنا النعمة والمصيبة ، فالنعمة من الله منَّ بها عليك ، والمصيبة إنما نشأت من قبل نفسك وعملك ، فالأول فضله ، والثاني عدله ، والعبد يتقلب بين فضله وعدله ، جارٍ عليه فضله ، ماضٍ فيه حكمه ، عدل فيه قضائه . وختم الآية الأولى بقوله : { نَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } بعد قوله : { قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } إعلاماً لهم بعموم قدرته مع عدله ، وأنه عادل قادر ، وفي ذلك إثبات القدر والسبب . فذكر السبب وأضافه إلى نفوسهم ، وذكر عموم القدرة وأضافها إلى نفسه ، فالأول ينفي الجبر ، والثاني ينفي القول بإبطال القدر ، فهو شاكل قوله : { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [ التكوير : 28 - 29 ] . وفي ذكر قدرته ههنا نكتة لطيفة ، وهي أن هذا الأمر بيده وتحت قدرته ، وأنه هو الذي لو شاء لصرفه عنكم ، فلا تطلبوا كشف أمثاله من غيره ، ولا تتكلوا على سواه . وكشف هذا المعنى وأوضحه كل الإيضاح بقوله : { وَمَآ أَصَابَكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيَعْلَمَ … } .