Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 178-178)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ } أي : بتطويل أعمارهم وإمهالهم وتخليتهم وشأنهم دهرا طويلا { خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ } بل هو سبب مزيد عذابهم ، لأنه { إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً } بكثرة المعاصي فيزدادوا عذاباً { وَلَهْمُ } أي : في الآخرة { عَذَابٌ مُّهِينٌ } ذو إهانة في أسفل دركات النار . لطائف الأولى : في ( ما ) - من قوله تعالى : { أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ } الأولى - وجهان : أن تكون مصدرية أو موصولة ، حذف عائدها . أي : إملاؤنا لهم أو الذي نمليه لهم . الثانية كان حق ( ما ) في قياس علم الخط أن تكتب مفصولة ، ولكنها وقعت في الإمام متصلة ، فلا يخالف ، وتتبع سنة الإمام في خط المصاحف . الثالثة : ( ما ) الثانية في { أَنَّمَا نُمْلِي } الخ متصلة لأنها كافّة . الرابعة : في قوله تعالى : { مُّهِينٌ } سر لطيف ، وهو أنه لما تضمن الإملاء التمتيع بطيبات الدنيا وزينتها ، وذلك مما يستدعي التعزز والتجبر ، وصف عذابهم بالإهانة ، ليكون جزاؤهم جزاء وفاقاً . ثم أشار سبحانه وتعالى إلى بعض الحكم والغايات المحمودة التي كانت في وقعة أحد ، وهو أن يتميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب . فإن المسلمين لما أظهرهم الله على أعدائهم يوم بدر ، وطار لهم الصيت ، دخل معهم في الإسلام ظاهراً من ليس معهم فيه باطناً ، فاقتضت حكمة الله عز وجل أن سبَّب لعباده محنة ميزت بين المؤمن والمنافق ، فأطلع المنافقون رؤوسهم في هذه الغزوة ، وتكلموا بما كانوا يكتمونه ، وظهر مخبآتهم ، وعاد تلويحهم صريحاً ، وانقسم الناس إلى كافر ومؤمن ومنافق انقساما ظاهرا ، وعرف المؤمنون أن لهم عدوا في نفس دورهم ، وهم معهم لا يفارقونهم ، فاستعدوا لهم ، وتحرزوا منهم فقال تعالى : { مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ … } .