Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 193-193)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً } حكاية لدعاء آخر لهم ، وتصدير مقدمة الدعاء بالنداء لإظهار كمال الضراعة ، والابتهال . والتأكيد للإيذان بصدور المقال عنهم بوفور الرغبة ، وكمال النشاط . والمراد بالمنادي الرسول صلى الله عليه وسلم ، والتنوين للتفخيم ، وهذا كقوله تعالى : { وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ } [ الأحزاب : 46 ] . وفي وصفه صلى الله عليه وسلم بـ ( المنادى ) دلالة على كمال اعتنائه بشأن الدعوى وتبليغها إلى الداني والقاصي ، لما فيه من الإيذان برفع الصوت { يُنَادِي لِلإِيمَانِ } أي : لأجل الإيمان بالله . فإن قلت : فأي فائدة في الجمع بين المنادي وينادي ؟ قلت : ذكر النداء مطلقاً ، ثم مقيداً بالإيمان تفخيماً لشأن المنادى لأنه لا منادي أعظم من مناد ينادي للإيمان . ونحوه قولك : مررت بهادٍ يهدي للإسلام ، وذلك أن المنادي إذا أطلق ، ذهب الوهم إلى منادٍ للحرب أو لإطفاء النائرة ، أو لإغاثة المكروب ، أو لكفاية بعض النوازل ، أو لبعض المنافع . وكذلك الهادي قد يطلق على من يهدي للطريق ، ويهدي لسداد الرأي ، وغير ذلك . فإذا قلت : ينادي للإيمان ، ويهدي للإسلام فقد رفعت من شأن المنادي والهادي ، وفخمته . ويقال : دعاه لكذا وإلى كذا ، وندبه له وإليه ، وناداه له وإليه ، ونحوه : هداه للطريق وإليه . وذلك أن معنى انتهاء الغاية ، ومعنى الاختصاص واقعان جميعاً - أفاده الزمخشريّ . { أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا } أي : فامتثلنا أمره ، وأجبنا نداءه ، و { أَنْ } إما تفسيرية ، أي : آمنوا ، أو مصدرية ، أي : بأن آمنوا { رَبَّنَا } تكرير للتضرع ، وإظهارٌ لكمال الخضوع { فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا } أي : استر لنا ذنوبنا ولا تفضحنا بها وأذهب عنا سيئاتنا بتبديلها حسنات { وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلأَبْرَارِ } أي : معدودين في جملتهم حتى نكون في درجتهم يوم القيامة . والأبرار جمع بارّ أو بَرّ وهو كثير البِرّ ( بالكسر ) أي : الطاعة .