Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 195-195)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي } أي : بأني { لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ } بيان لـ ( عامل ) وتأكيد لعمومه { بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ } أي : الذكر من الأنثى والأنثى من الذكر , كلكم بنو آدم ، وهذه جملة معترضة مبينة سبب شركة النساء مع الرجال ، فيما وعد الله عباده العاملين . وروى الحافظ سعيد بن منصور في سننه عن أم سلمة أنها قالت : يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء ، فأنزل الله تعالى : { فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ … } الآية - وقالت الأنصار : هي أول ظعينة قدمت علينا - ورواه الترمذيّ ، والحاكم في ( مستدركه ) وقال : صحيح على شرط البخاريّ ، ولم يخرجاه . وروى ابن مردويه عن مجاهد عن أم سلمة قالت : آخر آية نزلت : { فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ … } إلى آخرها . وعن جعفر الصادق رضي الله عنه : من حزَبَهُ أمر فقال : خمس مرات " رَبَّنَا " أنجاه الله مما يخاف ، وأعطاه ما أراد . وقرأ الآيات . { فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ } مبتدأ ، وهو تفصيل لعمل العامل منهم على سبيل التعظيم له والتفخيم , كأنه قال : فالذين عملوا هذه الأعمال السنية وهي المهاجرة عن أوطانهم فارّين إلى الله بدينهم من دار الفتنة { وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ } أي : التي ولدوا فيها ونشؤوا { وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي } أي : من أجله وبسببه , يريد سبيل الإيمان بالله وحده , وهو متناول لكل أذى نالهم من المشركين { وَقَـٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ } أي : غزوا المشركين واستُشهدوا { لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } جملة قسمية , خبر المبتدأ الذي هو الموصول , وهذا تصريح بوعد ما سأله الداعون بخصوصه , بعد ما وعد ذلك عموماً { وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ } أي : من تحت قصورها الأنهار , من أنواع المشارب من لبن وعسل وخمر وماء غير آسن وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت , ولا خطر على قلب بشر { ثَوَاباً مِّن عِندِ ٱللَّهِ } في موضع المصدر المؤكد لما قبله , فإن تكفير السيئات وإدخال الجنة , في معنى الإثابة ، وأضافه إليه تعالى ليدل على أنه عظيم ؛ لأن العظيم الكريم لا يعطي إلا جزيلاً كثيراً . كما قيل : @ إن يعاقِبْ يكن غراماً وإن يعـ طِ جزيلاً فإنه لا يبالي @@ { وَٱللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ ٱلثَّوَابِ } أي : حسن الجزاء لمن عمل صالحاً . ثم بين تعالى قبح ما أوتي الكفرة من حظوظ الدنيا , وكشف عن حقارة شأنها وسوء مغبتها , إثْرَ بيان حسن ما أوتي المؤمنون من الثواب , بقوله : { لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ … } .