Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 59-59)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ } أي : شأنه العجيب في إنشائه بالقدرة من غير أب { عِندَ ٱللَّهِ } أي : في تقديره وحكمه { كَمَثَلِ ءَادَمَ } أي : كحاله العجيبة التي لا يرتاب فيها مرتاب { خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } جملة مفسرة للتمثيل ببيان وجه الشبه بينهما . وحسم لمادة شبه الخصوم ، فإن إنكار خلق عيسى عليه السلام بلا أب ممن اعترف بخلق آدم عليه السلام بغير أب وأم ، مما لا يكاد يصح - قاله أبو السعود - وقوله { خَلَقَهُ } أي : صور جسد آدم { مِن تُرَابٍ } ثم قال له { كُن } أي : بشراً كاملاً روحاً وجسداً فإن أمره تعالى يفيد قوة التكون . قال البقاعي : وعبر بصيغة المضارع المقترن بالفاء في { فَيَكُونُ } دون الماضي ، وإن كان المتبادر إلى الذهن أن المعنى عليه حكايةً للحال وتصويراً لها إشارةٌ إلى أنه كان الأمر من غير تخلف ، وتنبيهاً إلى أن هذا هو الشأن دائماً بتجدد مع كل مراد ، لا يتخلف عن مراد الآمر أصلاً كما تقدم التصريح به في آية : { إِذَا قَضَىٰ أَمْراً } [ مريم : 35 ] . لطيفة قال الرازيّ : الحكماء قالوا : إنما خلق آدم عليه السلام من تراب لوجوه : الأول : ليكون متواضعاً ، الثاني : ليكون ستاراً . الثالث : ليكون أشد التصاقاً بالأرض . وذلك لأنه إنما خلق لخلافة أهل الأرض . قال تعالى : { إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً } [ البقرة : 30 ] . الرابع : أراد الحق إظهار القدرة فخلق الشياطين من النار التي هي أضوأ الإجرام وابتلاهم بظلمات الضلالة ، وخلق آدم من التراب الذي هو أكثف الأجرام ثم أعطاه المحبة والمعرفة والنور والهداية . الخامس : خلق الإنسان من تراب ليكون مطفئاً لنار الشهوة والغضب انتهى ملخصاً .