Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 64-64)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } أي : إلى قول معتدل لا يميل إلى التعطيل ولا إلى الشرك ، متفق عليها لا يختلف فيها الرسل والكتب وهي { أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً } أي : لا نرى غيره مستحقاً للعبادة فنشركه معه ، بل نفرد العبادة لله وحده ، لا شريك له . وهذه دعوة جميع الرسل . قال الله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ } [ الأنبياء : 25 ] . وقال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّاغُوتَ } [ النحل : 36 ] . { وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً } أي : كعزير والمسيح والأحبار والرهبان الذين كانوا يحلّون لهم ويحرّمون ، كما روى الترمذي عن عدي بن حاتم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ : { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } [ التوبة : 31 ] . قال : " إنهم لم يكونوا يعبدونهم ، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه ، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه " . قال الكيا الهراسيّ : فيه رد على من قال بالاستحسان المجرد الذي لا يستند إلى دليل شرعيّ ، وعلى من قال : يجب قبول قول الإمام في التحليل والتحريم ولو دون إبانة مستند شرعيّ . قال البقاعي : ولما كان الرب قد يطلق على المعلم والمربّي بنوع تربيةٍ ، نبه على أن المحذور إنما هو اعتقاد الاستبداد والاجتراء على ما يختص به الله فقال : { مِّن دُونِ ٱللَّهِ } الذي اختص بالكمال { فَإِن تَوَلَّوْاْ } أي : عن هذه الكلمة السواء المتفق عليها { فَقُولُواْ } أي : تبعاً لأبيكم إبراهيم عليه السلام إذ قال : { أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ البقرة : 131 ] . وامتثالاً لوصيته إذ قال : { فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ } [ البقرة : 132 ] . { ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } أي : لزمتكم الحجة فوجب عليكم أن تعترفوا بأنا مسلمون دونكم ، كما يقول الغالب للمغلوب في جدال أو صراع أو غيرهما : اعترف بأني أنا الغالب ، وسلم لي الغلبة . ويجوز أن يكون من باب التعريض ، ومعناه : اشهدوا واعترفوا بأنكم كافرون حيث توليتم عن الحق بعد ظهوره - كذا في الكشاف .