Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 26-27)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي : خلقاً وملكاً وتصرفاً { كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } أي : منقادون لتصرفه ، لا يتأبون عليه { وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } أي : بعد موتهم . قال أبو السعود : وتكريره لزيادة التقرير ، والتمهيد لما بعده من قوله تعالى : { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } أي : من البدء . أي بالقياس إلى من يقتضيه معقول المخاطبين . لأن من أعاد منهم صنعة شيء ، كانت أسهل عليه وأهون من إنشائها ، وإلا فهما عليه سبحانه سواء في السهولة . لطائف الأولى : تذكير الضمير ، مع رجوعه إلى الإعادة ، لما أنها مؤولة بـ ( أن يعيد ) . الثانية : قال الزمخشري : فإن قلت : لِمَ أخرت الصلة في قوله : { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } وقدمت في قوله : { هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ } [ مريم : 9 و 21 ] ؟ . قلت : هناك قصد الاختصاص ، وهو محزّه . فقيل : { هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ } [ مريم : 9 و 21 ] وإن كان مستصعباً عندكم أن يولد بين هِمّ وعاقر . وأما ههنا ، فلا معنى للاختصاص كيف ؟ والأمر مبنيّ على ما يعقلون ، من أن الإعادة أسهل من الابتداء . فلو قدمت الصلة ، لتغيّر المعنى . ا . هـ . قال الناصر : كلام نفيس يستحق أن يكتب بذوب التبر ، لا بالحبر ، وإنما يلقى الاختصاص من تقديم ما حقه أن يؤخر . الثالثة : قال الزمخشري : فإن قلت : ما بال الإعادة استعظمت في قوله : { ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ } [ الروم : 25 ] حتى كأنها فضلت على قيام السماوات والأرض بأمره ، ثم هونت بعد ذلك ؟ قلت : الإعادة في نفسها عظيمة ، لكنها هونت بالقياس إلى الإنشاء . انتهى . قال الناصر : إنما يلقى في السؤال تعظيم الإعادة من عطفها بـ ( ثم ) إيذاناً بتغاير مرتبتها وعلوّ شأنها . وقوله في الجواب : إنها هونت بالنسبة إلى الإنشاء ، لا يخلص . فإن الإعادة ذكرت ههنا عقيب قيام السماوات والأرض بأمره ، وقيامهما ابتداء وإنشاء أعظم من الإعادة . فيلزم تعظيم الإعادة بالنسبة إلى ما عطف عليه من الإنشاء . ويعود الإشكال . والمخلص ، والله أعلم ، جعل ( ثم ) على بابها لتراخي الزمان لا لتراخي المراتب . وإن سلم أنها لتراخي المراتب ، فعلى أن تكون مرتبة المعطوف عليه العليا ، ومرتبة المعطوف هي الدنيا . وذلك نادر في مجيئها لتراخي المراتب . فإن المعطوف حينئذ في أكثر المواضع ، أرفع درجة من المعطوف عليه ، والله أعلم . انتهى . وفي حواشي القاضي : إن { ثُمَّ } إما لتراخي زمان المعطوف فتكون على حقيقتها . أو لعظم ما في المعطوف من إحياء الموتى ، فتكون للتفاوت في الرتبة لا للتراخي الزمانيّ . والمراد عظمه في نفسه وبالنسبة إلى المعطوف عليه . فلا ينافي قوله : { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } وكونه أعظم من قيام السماء والأرض ، لأنه المقصود من الإيجاد والإنشاء ، وبه استقرار السعداء . والأشقياء في الدرجات والدركات . وهو المقصود من خلق الأرض والسماوات . فاندفع اعتراض الناصر بأنه ، على تسليمه ، مرتبةُ المعطوف عليه هنا هي العليا ، مع أن كون المعطوف في مثله أرفع درجة ، أكثريّ لا كليّ . كما صرح به الطيبيّ هنا . فلا امتناع فيما منعه ، وهي فائدة نفيسة ، ويجوز حمله على مطلق البعد الشامل للزمانيّ والرتبي . كما في ( شرح الكشاف ) . وقوله تعالى : { وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي : الوصف الأعلى الذي ليس لغيره ما يدانيه فيهما . كالقدرة العامة والحكمة التامة . وذلك لأنه لما جعل ما ذكر أهون عليه على طريق التمثيل ، عقبه بهذا . فكأنه قيل هذا ، لتفهم العقول القاصرة أن صفاته عجيبة وقدرته عامة وحكمته تامة . فكل شيء بدءاً وإعادة وإيجاداً وإعداماً ، عنده على حد سواء ، ولا مثل له ولا ند . وقال الزجاج : المراد بالمثل قوله : { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } فاللام فيه للعهد . فحمل المثل على ظاهره . وعلى ما ذكر أولا ، وهو مجاز عن الوصف العجيب . فيشمل القول وغيره مما هو جار على ألسنة الدلائل ولسان كل قائل . اهـ . { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } أي : الغالب على أمره ، الذي لا يعجزه بدء ممكن وإعادته { ٱلْحَكِيمُ } الذي يجري أفعاله على سنن الحكمة والمصلحة .