Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 10-13)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ } أي : من أعلى الوادي وأسفله ، بقصد التحزب على أن يكونوا جملة واحدة على استئصال النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه { وَإِذْ زَاغَتِ ٱلأَبْصَارُ } أي : مالت عن سننها ومستوى نظرها ، حيرة وشخوصاً { وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ } أي : منتهى الحلقوم لأن بالفزع تنتفخ الرئة فترتفع . وبارتفاعها ترتفع القلوب . وذلك من شدة الغم أو هو مثل في اضطراب القلوب { وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ } أي : أنواع الظنون المختلفة { هُنَالِكَ ٱبْتُلِيَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } أي : اختبروا ليتميز الثابت من المتزلزل ، والمؤمن من المنافق { وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً } أي : أزعجوا أشد الإزعاج من شدة الخوف والفزع ، أو من كثرة الأعداء . فائدة قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر ( الظنونا ) بإثبات ألف بعد النون ، وبعد لام الرسول ، في قوله : { وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ } [ الأحزاب : 66 ] ولام السبيل ، في قوله : { فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ } [ الأحزاب : 67 ] وصلاً ووقفاً ، موافقة للرسم . لأن هذه الثلاثة رسمت في المصحف ، كذلك . وأيضاً فإن هذه الألف تشبه هاء السكت لبيان الحركة . وهاء السكت تثبت وقفاً للحاجة إليها ، وقد ثبتت وصلا إجراء للوصل مجرى الوقف . فكذلك هذه الألف . وقرأ أبو عمرو وحمزة بحذفها في الحالتين . لأنها لا أصل لها . وقولهم ( أجريت الفواصل مجرى القوافي ) غير معتدّ به . لأن القوافي يلزم الوقف عليها غالبا . والفواصل لا يلزم ذلك فيها ، فلا تشبه بها . والباقون بإثباتها وقفا ، وحذفها وصلا ، إجراء للفواصل مجرى القوافي ، في ثبوت ألف الإطلاق . ولأنها كهاء السكت . وهي تثبت وقفاً ، وتحذف وصلا . أفاده السمين . ثم أشار تعالى إلى ما ظهر من المنافقين في تلك الشدة ، بقوله سبحانه : { وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } أي : شبهة . تنفساً بما يجدونه من الوسواس في نفوسهم ، وفرصة لانطلاق ألسنتهم ، بما تكنّ صدورهم . لضعف إيمانهم وشدة ما هم فيه من ضيق الحال ، وحصر العدّو لهم { مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } أي : من النصر { إِلاَّ غُرُوراً } أي : باطلا { وَإِذْ قَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ } أي : المنافقين { يٰأَهْلَ يَثْرِبَ } وهي أرض المدينة { لاَ مُقَامَ لَكُمْ } بضم الميم وفتحها ، قراءتان . أي لا إقامة لكم بعد اليوم بالمدينة أو نواحيها لغلبة الأعداء { فَٱرْجِعُواْ } أي : إلى منازلكم من المدينة هاربين . أو فارجعوا عن الإسلام كفاراً ليمكنكم المقام . فائدة ( يثرب ) من أسماء المدينة . كما في الصحيح : " أريت في المنام دارَ هجرتكم . أرض بين حرتين . فذهب وَهَلى أنها هَجَر . فإذا هي يثرب " ( وفي لفظ : المدينة ) . قال ابن كثير : فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن البراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سمى المدينة ( يثرب ) فليستغفر الله تعالى ، إنما هي طابة هي طابة " . تفرد به الإمام أحمد ، وفي إسناده ضعف . انتهى . { وَيَسْتَئْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ ٱلنَّبِيَّ } أي : في الرجوع { يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ } أي : غير حصينة يخشى عليها { وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً } .