Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 28-28)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي : وما أرسلناك إلا إرسالة عامة لجميع الخلائق من المكلفين ، تبشر من أطاعك بالجنة ، وتنذر من عصاك بالنار ، كقوله تبارك وتعالى : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً } [ الأعراف : 158 ] { تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } [ الفرقان : 1 ] { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي : فيحملهم جهلهم على ما هم فيه من الغيّ والضلال كقوله عز وجل : { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [ يوسف : 103 ] { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } [ الأنعام : 116 ] قال ابن عباس - فيما رواه ابن أبي حاتم - إن الله تعالى فضل محمداً صلى الله عليه وسلم على أهل السماء وعلى الأنبياء . قالوا : يا ابن عباس ، فَبِمَ فضّله الله على الأنبياء ؟ قال رضي الله عنه : إن الله تعالى قال : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } [ إبراهيم : 4 ] ، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ } [ سبأ : 28 ] فأرسله الله تعالى إلى الجن والإنس . قال ابن كثير : وهذا الذي قاله ابن عباس رضي الله عنهما قد ثبت في الصحيحين . رفعه عن جابر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : " أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلّ ، وأحلَّت لي الغنائم ولم تحل لأحد من قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبيّ يبعث إلى قومه ، وبعثت إلى الناس عامة " ، وفي الصحيح أيضاً ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بعثت إلى الأحمر والأسود " ، قال مجاهد : يعني الجن والإنس . وقال غيره : يعني العرب والعجم . ا هـ . والتحقيق في معنى عموم إرساله وشمول بعثته ، هو مجيؤه بشرع ينطبق على مصالح الناس وحاجاتهم أينما كانوا ، وأيّ زمان وجدوا ، مما لم يتفق في شرع قبله قط ، ولهذا ختمت النبوّات بنبوّته صلى الله عليه وسلم ، كما تقرر في موضعه .