Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 3-3)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني مشركي مكة { لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ } أي : ساعة الجزاء ، إنكاراً لها { قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ } أي : الساعة . رد لكلامهم وتأكيد لما نفوه ، باليمين بالله عزّ وجلّ { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ } بالجرّ صفة ، والرفع خبر محذوف ، وقرئ ( علاَّمِ ) ، بالجرّ . وفي هذا التوصيف تقوية للتأكيد ؛ لأن تعقيب القسم بجلائل نعوت المقسم به ، يؤذن بفخامة شأن المقسم عليه وقوة إثباته وصحته ، لما أن في حكم الاستشهاد على الأمر ، لا سيما إذا خص من الأوصاف ما له اختصاص بهذا المعنى ؛ فإن قيام الساعة من مشاهير الغيوب وأدخلها في الخفية ، أولها مسارعة إلى القلب ، إذا قيل عالم الغيب . { لاَ يَعْزُبُ } أي : لا يغيب بضم الزاي وكسرها { عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } أي : فالجميع مندرج تحت علمه فلا يخفى عليه شيء وإن تناهى في الصغر , فالعظام وأجزاء البدن ، وإن تلاشت وتفرّقت وتمزّقت ، فهو عالم أين ذهبت وأين تفرّقت ، ثم يعيدها كما بدأها أول مرة ، لسعة علمه وعظم قدرته ، جل شأنه . لطائف : الأولى : عامة القرّاء على رفع { أَصْغَرُ } و { أَكْبَرُ } وفيه وجهان : أحدهما الابتداء والخبر { إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } والثاني النسق على { مِثْقَالُ } . وعلى هذا فيكون قوله : { إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } تأكيداً للنفي في { لاَ يَعْزُبُ } كأنه قال : لكنه في كتاب مبين ، ويكون في محل الحال ، وقرأ بعض السلف بفتح الراءين ، وفيه وجهان : أحدهما : أن { لاَ } هي لا التبرئة ، بني اسمها معها . والخبر قوله : { إِلاَّ فِي كِتَابٍ } . والثاني : النسق على { ذَرَّةٍ } لامتناعه من الصرف . الثانية : يشير قوله تعالى : { وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ } إلى أن : { مِثْقَالُ } لم يذكر للتحديد بل الأصغر منه لا يعزب أيضاً . الثالثة : قال الكرخيّ : فإن قيل : فأيُّ حاجة إلى ذكر ( الأكبر ) فإن من علم الأصغر من الذرة لابد وأن يعلم الأكبر ؟ فالجواب : لما كان الله تعالى أراد بيان إثبات الأمور في الكتاب ، فلو اقتصر على الأصغر لتوهم متوهم أنه يثبت فيه الصغائر لكونها محل النسيان , وأما الأكبر فلا ينسى فلا حاجة إلى إثباته ، فأعلم أن الإثبات في الكتاب ليس كذلك ؛ فإن الأكبر مكتوب فيه أيضاً . وقوله تعالى : { لِّيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ … } .