Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 80-80)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ } أي : الذي بدأ خلق هذا الشجر من ماء حتى صار خضراً نضراً فأثمر وينع ، ثم أعاده إلى أن صار حطباً يابساً يوقد به النار ، كذلك هو فعال لما يشاء ، قادر على ما يريد ، لا يمنعه شيء . قال قتادة : الذي أخرج النار من هذا الشجر ، قادر على أن يبعثه . وقيل : المراد بذلك شجر المرخ ، والعفار ( من شجر البادية ) في أرض الحجاز . فيأتي من أراد قدح نار وليس معه زناد ، فيأخذ منه عودين أخضرين ، ويقدح أحدها بالآخر ، فتتولد النار من بينهما كالزناد سواء . روي هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما ، والعَفار الزند وهو الأعلى . والمرخ الزندة وهو الأسفل بمنزلة الذكر والأنثى . وعكس الجوهريّ فجعل المرخ ذكراً ، والعفار أنثى ، واللفظ مساعد له ، إلا أن الأول يؤيده قول الشاعر : @ إذا المرخُ لم يُورِ تحت العَفَارِ وضُنَّ بِقدْرٍ فَلَمْ تُعْقَبِ @@ وقال أبو زياد : ليس في الشجر كله أوري ناراً من المرخ ، وربما كان المرخ مجتمعاً ملتفاً ، وهبت الريح ، وجاء بعضه بعضاً فأورى فأحرق الوادي ، ولم نر ذلك في سائر الشجر . وقال الأزهريّ : العرب تضرب بالمرخ والعفار المثل في الشرف العالي . فتقول : ( في كل شجر نار ، واستمجد المرخ والعفار ) أي : كثرت فيهما على ما في سائر الشجر . و ( استمجد ) استكثر واستفضل . وذلك أن هاتين الشجرتين من أكثر الشجر ناراً ، وزنادهما أسرع الزناد وريا . وفي المثل : اقدح بعفار أو مرخ ، ثم اشدد إن شئت أو أرخ . ويقال : ( في كل شجر نار إلا العُنّاب ) . قال الشهاب : ولذا يتخذ منه مدقّ القصارين . ثم أنشد لنفسه : @ أيا شجر العُنَّاب نارك أوقدت بقلبي وما العُنَّاب من شجر النار @@ انتهى . والمقصود أنه تعالى لا يمتنع عليه إعادة المزاج الذي به تعلق الروح بعد انعدامه بالكلية ؛ لأن الذي يبدل مزاج الشجر الرطب بمزاج النار ، وهي حارة يابسة بالفعل ، مع ما في الشجر من المائية المضادّة لها ، أقدر على إعادة الغضاضة إلى ما كان غضّاً ، تطرأ عليه اليبوسة والبلى .