Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 40-40)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ } أي : لقربى في الدرجات ، { وَحُسْنَ مَآبٍ } أي : مرجع في الآخرة . تنبيه روى الأثريون ههنا قصصاً مطولة ومختصرة ، مؤتلفة ومختلفة . قال ابن كثير : وكلها متلقاة من أهل الكتاب ، وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان عليه الصلاة والسلام ، فالظاهر أنهم يكذبون عليه ، ولهذا كان في سياقها منكرات ، وتقويةُ ابن حجر لبعض منها بأنه خرجه النسائيّ بإسناد قويّ - لا عبرة له ، فليس المقام قاصراً على صحة السند فحسب ، لو كان ذلك في الصحيحين ، فأنَّى بمرويّ غيرهما ؟ ؟ وذكر الرازيّ : أن القصص المروية هنا هي لأهل الحشو من تأويلهم ، وأما أهل التحقيق فلهم تأويلات ، وقد ساقها فانظرها . وقال الإمام ابن حزم : معنى قوله تعالى : { فَتَنَّا سُلَيْمَانَ } أي : آتيناه من الملك ما اختبرنا به طاعته ، كما قال تعالى مصدقاً لموسى عليه السلام في قوله : { إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِي مَن تَشَآءُ } [ الأعراف : 155 ] إذ من الفتنة ما يهدي الله بها من يشاء ، وقال تعالى : { الۤـمۤ * أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ أَن يَقُولُوۤاْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَاذِبِينَ } [ العنكبوت : 1 - 3 ] فهذه الفتنة هي الاختبار حتى يظهر المهتدي من الضال ، فهذه فتنة الله تعالى لسليمان إنما هي اختباره حتى ظهر فضله فقط ، وما عدا هذا خرافات ولّدها زنادقة اليهود وأشباههم . وأما الجسد الملقى على كرسيّه فقد أصاب الله تعالى به ما أراد . نؤمن بهذا كما هو ، ونقول : ( صدق الله عز وجل ، كل من عند الله ربنا ) ولو جاء نص صحيح في القرآن أو عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بتفسير هذا الجسد ما هو ، لقلنا به ، فإذا لم يأت بتفسيره ما هو نص ولا خبر صحيح ، فلا يحل لأحد القول بالظن الذي هو أكذب الحديث في ذلك ، فيكون كاذباً على الله عز وجل ، إلا أننا لا نشك البتّة في بطلان قول من قال إنه كان جنيا تصور بصورته ، بل نقطع على أنه كذب ، والله تعالى لا يهتك ستر رسوله صلى الله عليه وسلم هذا الهتك ، وكذلك نبعد في قول من قال : إنه كان ولداً له ، أرسله إلى السحاب ليربيه . فسليمان عليه السلام كان أعلم من أن يربي ابنه بغير ما طبع الله عز وجل بنية البشر عليه من اللبن والطعام . وهذه كلها خرافات موضوعة مكذوبة ، لم يصح إسنادها قط . انتهى . وزعم القاشانيّ أن حكاية الجنّي والخاتم مع سليمان ، هي من موضوعات حكماء اليهود ، كسائر ما وضعت الحكماء في تمثيلاتهم من حكايات أبسال وسلامان . ثم أخذ القاشانيّ في تأويلها ، إلا أنه حل الإشكال بإشكال أعظم منه ، عفا الله عنه ، وقال قبلُ : إن صحت الحكاية في مطابقتها للواقع ، كان قد ابتلي بمثل ما ابتلي به ذو النون وآدم عليهما السلام . انتهى والله أعلم .